الاثنين، 15 سبتمبر 2008

حقوق الانسان

يقصد بحقوق الإنسان في أبسط معانيها توفير الاحتياجات اللازمة لعموم الأشخاص و توفير حياة كريمة للإنسان، ولتحقيق هذه الحياة يتطلب ذلك تأمين مصدر رزقه و حقه في العمل و الإنتاج و حقه في المشاركة في الحياة العامة.
و قد تبين من الدراسة الخاصة ب"العطاء الاجتماعي في مصر" أن المستفيدين من الجمعيات الأهلية يفضلون عمل مشاريع عن الإعانات الشهرية حفظاً لكرامتهم التي تعد من أهم حقوقهم، و تفضيلهم للأخذ في السر دون علم الآخرين فيعد الستر و الصحة من أبرز حقوق الإنسان. و يلاحظ أن العلاقة بين حقوق الإنسان و التنمية علاقة تبادلية، فتعد التنمية أحد حقوق الإنسان، كما أن حقوق الإنسان تعد مطلباً أساسياً لتحقيق التنمية فإذا أهدرت حقوق الإنسان كيف يصبح شريكاً في التنمية؟ و لكن إذا تم تطبيق هذه الحقوق على أكمل وجه يستطيع الإنسان أن يحيا حياة كريمة تساعده على العطاء و الإنتاج و العمل على تطوير المجتمع، و زادت قدرته على العطاء و مساعدة الآخرين و تحقيق التنمية.
حقوق الانسان

مقدمة عامة
تعتبر حقوق الإنسان من أهم الموضوعات التي تشغل اهتماما كبيرا منذ القرن الماضي على المستوى الدولي و الوطني. و ربما يرجع ذلك الاهتمام إلى الظلم و الجور الذي عانى منه الإنسان على مر العصور و الرغبة في وضع حد له و ضمان حياة إنسانية لجميع البشر. و بدأ هذا الاهتمام يتزايد بصفة خاصة بعد الحرب العالمية الثانية. و نتيجة لذلك، بدأ المجتمع الدولي يقيم المؤتمرات و يعقد المواثيق و المعاهدات، كما بدأ ظهور العديد من المنظمات الدولية و المحلية للدفاع عن حقوق الإنسان و بدأ نشر الكثير من المؤلفات و الأبحاث المهتمة بحقوق الإنسان.1
مصطلح حقوق الإنسان
و رغم أن الإنسان هو الإنسان في جميع أنحاء الأرض، إلا أن مفهوم حقوق الإنسان يثير الكثير من الجدل و أحيانا الخلاف على المستوى الدولي. و قد يرجع هذا الاختلاف إلى تنوع النظرة الثقافية و الدينية و السياسية تجاه هذا المفهوم.2 وعلى الرغم من تعدد التعريفات الخاصة بحقوق الإنسان، إلا أننا يمكن أن نعرفها بأنها (مجموعة الاحتياجات أو المطالب التي يلزم توافرها بالنسبة إلى عموم الأشخاص، وفي أي مجتمع، دون أي تميز بينهم_ في هذا الخصوص- سواء لاعتبارات الجنس، أو النوع، أو العقيدة السياسية، أو الأصل الوطني، أو لأي اعتبار آخر.)3
تصنيفات حقوق الإنسان
تنقسم حقوق الإنسان إلى ثلاثة مجموعات: الحقوق الفردية، الحقوق الجماعية و حقوق الأفراد المنتمين إلى جماعات خاصة. الحقوق الفردية هي الحقوق التي تتصل بكل فرد في المجتمع و هي تتعلق بحقوق مدنية و سياسية و حقوق اقتصادية و اجتماعية و ثقافية. الحقوق المدنية و السياسية تتمثل في الحق في حماية الحرية الشخصية، الحق في الحياة و السلامة و الأمن، الحرية الدينية، حرية الرأي و التعبير، حرية الاجتماع، حرية التجمع، احترام الحياة الخاصة، الاعتراف لكل فرد بالشخصية القانونية، الحماية القضائية، التنقل و اختيار مكان الإقامة، تحريم التعذيب أو العقوبة القاسية، المشاركة في إدارة الشئون العامة، الحق في الجنسية و الحق في تولي الوظائف العامة. أما بالنسبة للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية فتتمثل في الحق في العمل، التعليم، الحماية من الرق و العبودية، الحق في الإضراب، تحريم السخرة، تحريم التمييز لأي سبب من الأسباب، الحق في الضمان الاجتماعي، الحق في الرعاية الاجتماعية المناسبة، و الحق في السكن. كما أن هناك نوع يسمى بالجيل الثالث لحقوق الإنسان و الذي ظهر نتيجة لتطورات الحياة و يتعلق بحق الإنسان أن يعيش في بيئة نظيفة، الحق في تناول المعلومات و عدم حجبها، الحق في مستوى معيشي مناسب، الحق في السلام و الأمن و الحق في التنمية.4 المجموعة الثانية من حقوق الإنسان هي الحقوق الجماعية و هي الحقوق التي لا يمكن أن تمارس فرديا و تتعلق بالحق في تقرير المصير، حقوق الأقليات، الحق في السلام، حقوق المدنيين في أثناء النزاعات المسلحة و تحت الاحتلال، حقوق العمال و المهاجرين أو الأجانب و حقوق السكان الأصليين. أما بالنسبة لمجموعة الحقوق الثالثة، فهي متعلقة بحقوق فئات ذو أوضاع خاصة مما يستوجب حقوقا إضافية لهم مثل الأطفال، النساء، المعاقين و المسنيين.5
مواثيق حقوق الإنسان الدولية
تتمثل المواثيق الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية عام 1966 و العهد الدولي للحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية عام 1966. و تعتبر هذه المواثيق نظاما دوليا قانونيا يمكن أن يسمى "بالتشريعات الدولية لحقوق الإنسان". ذلك إلى جانب المواثيق التي جاءت فيما بعد و يرتبط جميعهم بمفاهيم و مباديء متقاربة مؤكدة بعضها البعض. و يعتبر العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و العهد الدولي للحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية طفرة حقيقية في مجال التشريعات القانونية لحقوق الإنسان. فبينما يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 مرشدا للقواعد الإنسانية و الأخلاقية التي يجب أن تتبعها حكومات الدول في حقوق المواطنين و واجباتهم، إلا أن الاتفاقيتان التاليتان للحقوق المدنية و السياسية و الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية يعتبران بمثابة تحول هذه الإرشادات إلى قوانين دولية ملزمة للدول و الحكومات.6 و لكن برغم الإنجاز و الاهتمام الكبير التي حازت عليه قضية حقوق الإنسان منذ الإعلان العالمي سنة 1948، إلا أن هناك العديد من البلاد التي مازالت بعيدة كل البعد عن تطبيق القوانين الدولية لحقوق الإنسان و خاصة في معظم البلاد النامية حيث تخلو أغلبها من نظام ديمقراطي حقيقي قادر على تنفيذ حقوق الإنسان بصورة فعلية. 7 كما أنه من الملاحظ أن الكثير من الدول الغربية المنادية بحقوق الإنسان لا تنفذ هذه الحقوق إلا داخل حدودها فقط بينما تمتلىء سياساتها الخارجية بانتهاكات محزنة لحقوق الإنسان. و تتمثل هذه الانتهاكات في إنتهاك سيادات الدول و انتهاك المدنيين التي قامت و ما زالت تقوم به أمريكا مثل إلقاء الغازات المدمرة على فيتنام و القنابل الذرية على اليابان و قصف السودان و أفغانستان و احتلال العراق. كما يتبين عدم تنفيذ مبادىء حقوق الإنسان في سكوت أوروبا على مذابح إسرائيل في دير ياسين و صابرا و شاتيلا. بالإضافة إلى محاكمة أكبر مفكري فرنسا لإثباته أن عدد الذين أعدموا في عهد هتلر ليسوا ستة آلاف كما تزعم اسرائيل و السكوت على إباحة التعذيب في المحاكم الإسرائيلية.8
حقوق الإنسان في الدستور المصري:
إن الدستور المصري الصادر في 11 ديسمبر 1971 يعد واحد من جملة الدساتير المصرية الصادرة تباعاً منذ عام 1882، و التي تضمن العديد من الأحكام ذات الصلة بموضوع حقوق الإنسان، فالباب الثالث ( المواد من 40-63) يتناول الحريات و الحقوق و الواجبات العامة. و الواقع أن الدستور المصري الحالي بالإضافة إلى تأثره بأحكام الشريعة الإسلامية فإنه قد ساير الاتجاهات الدولية بشأن حقوق الإنسان و حرياته الأساسية على وجه العموم، بدءاً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م مروراً بالاتفاقات و المواثيق و الإعلانات الدولية التي صدرت بعد ذلك.فقد حرص واضعوا الدساتير المصرية على إقرارها و التوكيد عليها و من بين هذه الحقوق على سبيل المثال: الحق في الحرية الشخصية، و الحق في حرمة المسكن، و الحق في حرية الرأي و التعبير، و الحق في التملك، و الحق في حرية السفر و التنقل، و الحق في العمل.... و بالإضافة إلى اهتمام المشرع المصري بتقرير العديد من الحقوق و الحريات للمواطنين، فإنه قد نص على مجموعة من الضمانات لوضع هذه الحقوق و الضمانات موضع التطبيق ومن بين هذه الضمانات مبدأ المساواة بين جميع المواطنين و كفالة الحق في التقاضي و التوكيد على مبدأ استقلال القضاء، و حرصاً على توفير أكبر قدر من الحماية للحقوق و الحريات استثنى الدستور المصري الاعتداءات على هذه الحقوق من القواعد العامة التي تقضي بانقضاء الدعاوي الجنائية و المدنية بالتقادم.9الخلاف بين حقوق الإنسان في الغرب و حقوق الإنسان في الإسلام تزايد الجدل حول الاختلافات بين المبادىء العالمية لحقوق الإنسان و حقوق الإنسان في الإسلام. و قد أصدر البيان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان سنة 1981 ليبين حقوق الإنسان التي أقرها الإسلام من خلال القرآن و السنة. و يوضح البيان أن حقوق الإنسان في الإسلام تتضمن حق الحياة، حق الحرية، حق المساواة، حق العدالة، حق الحماية من التعذيب، حق الفرد في حماية عرضه و سمعته، حق اللجوء، حقوق الأقليات في ممارسة العبادات و ممارسة أوضاعهم المدنية طبقا لشريعتهم، حق المشاركة في الحياة العامة، حق حرية التفكير و الاعتقاد و التعبير مادام يلتزم الحدود العامة التي أقرتها الشريعة، حق الحرية الدينية، حق الدعوة و البلاغ، حق الحماية الفكرية، حق الفرد في كفايته من مقومات الحياة، حق بناء الأسرة، حق التربية و تتضمن التربية الصالحة و التعليم للأطفال، حق الفرد في حماية خصوصياته و حق الحرية في الارتحال و الإقامة. كما يحتوي البيان الحقوق الاقتصادية في الإسلام و يتضمن حق العمل، حق الملكية الخاصة، حق مساعدة الفقراء من أموال زكاة الأغنياء، و حق توظيف مصادر الدولة لمصلحة الأمة.10 و لا تعتبر هذه الحقوق في الإسلام مجرد "حقوق" يمكن للفرد أو الجماعة التنازل عنهم، إنما تعد من "الضرورات" التي لا يمكن لمسلم أن يتركها، بل و يعد آثما إن فرط فيها باختياره.11 و برغم توافق أغلب الحقوق بين حقوق الإنسان الدولية و حقوق الإنسان في الإسلام، يتمركز الاختلاف بينهم في عدة نقاط. من ضمن هذه النقاط أنه في حين أن حقوق الإنسان الدولية تؤكد على الحرية الدينية المطلقة، إلا أن الإسلام وضع لهذه الحرية شروطا. ففي الإسلام يمكن لأي شخص غير مسلم أن يعتنق ما يريد من ديانة بينما أفتى الكثير من العلماء أنه لا يصح لمسلم أن يرتد عن الإسلام، و قد مضى البعض أن عقوبة المرتد هي القتل، بينما بين بعض العلماء، منهم الدكتور محمد عمارة، رأي الإسلام في حرية المسلم الدينية بصورة أكثر توضيحا. فلقد أوضح الدكتور عمارة أن عقوبة القتل ليست العقوبة الأولى و القاطعة إذا ما تسلل الشك في قلب المسلم و أدى به إلى الكفر بالإسلام. فالمسلم إذا بدأ يتشكك في الإسلام يجب عليه أن يسعى بشتى الطرق لكي يفهم الإسلام بصورة أكثر تعمقا و وضوحا. فإذا لم يستطع أن يطمئن قلبه للإيمان بعد أن فعل كل ما يستطيع من سعي، فإنه يجب ألا يعاقب إذا أبقى هذا التفكير بداخله و يكون هذا من منطلق أن "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" حيث أن الله لا يفرض على أحد أكثر مما يستطيع. أما بالنسبة لحسابه يوم القيامة، فهذا يترك كاملا لتقدير الله سبحانه و تعالى حيث أنه العادل و العالم بالأنفس. ثم إن في هذه الحالة لا يجب أن يطلب من المرء أن يستمر في الإسلام لأن ذلك يكون دعوة للنفاق و يتضاد مع الإيمان الصحيح الذي هو قلب الإسلام. كما أن الآية 256 في سورة البقرة "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" ثبت أنها أنزلت بمناسبة حالات ردة عن الإسلام و بالتالي لا تقتصر على غير المسلمين فقط و إنما تشمل المسلمين أيضا. و قد وافق الشيخ محمد مهدي شمس الدين على هذا الرأي و لكنه لم يكتفي بذلك. فلقد أوضح أن المسلم المرتد يترك طالما ستر عقيدته الداخلية بينه و بين نفسه. و لكن الإسلام ليس فقط عقيدة فكرية و لكنه أيضا يتصل إتصالا وثيقا بالمجتمع. فإذا أراد الشخص أن يفصح عن ما بداخله و يعلن خروجه عن الإسلام، فله ذلك و لكن عليه أن يتنازل عن المميزات و الحقوق التي ينعم بها بكونه مسلم. و من هذه الحقوق التخلي عن الحقوق الاجتماعية مثل زواجه من امرأة مسلمة و حقوقه المالية مثل الورث من قريب مسلم. أما عقوبة القتل فتقع فقط عندما يبدأ هذا الشخص بمحاربة الإسلام كأن يكون مجموعة تعتنق أفكاره و تحاول أن تهدم الإسلام. و بالتالي فإن حد القتل لا يكون بمجرد تركه للإسلام و إنما بتحوله عن المسالمة إلى تدمير الإسلام و المجتمع الإسلامي ككل.12 ثاني اختلاف بين حقوق الإنسان الدولية و الإسلامية تكمن في عقوبة الإعدام. و هناك جهودا دولية كبيرة تسعى إلى إلغاء هذه العقوبة في حين أن الدول الإسلامية ترفض إلغاءها حيث أنها حددت في القرآن لتكون عقوبة لثلاثة جرائم: الخيانة العظمى، القتل، و قطع الطريق بالسلب و النهب و السرقة كرها و عمدا.13 أما الاختلاف الثالث فهو يتعلق بالمساواة المطلقة بين الجنسين و يتضمن المساواة في الشهادة و الميراث و الزواج. و لقد كتبت الكثير من التفسيرات عن حكمة الإسلام في التباين في المعاملة بين الرجل و المرأة. بداية، لقد جعل الإسلام شهادة المرأتين مساوية لشهادة رجل واحد. و من أكثر التفسيرات التي ذكرت في هذا الشأن أنه بسبب غلبة العاطفة عند المرأة عن الرجل. فقد تكون الشهادة موقفا صعبا بالنسبة للمرأة خاصة إذا كان يرتبط بأحد المقربين لها حتى أنها قد تنسى أو تخطأ دون قصد و بالتالي تكون في حاجة إلى من يذكرها و يساندها. 14 و لكن هناك تفسيرا آخر جاء به الدكتور محمد سليم العوا و هو أن مسألة الشهادة تعد من المميزات التي ميز و ساعد الله بها المرأة على الرجل و ليس العكس، حيث أن المحكمة لا تطلب رأي الشاهدة الثانية إلا إذا أصاب النسيان الشاهدة الأولى بالفعل، فتأتي الثانية لكي تساعدها. و لكن إذا لم تتعرض الشاهدة للنسيان، فيأخذ بشهادة الأولى دون اللجوء للثانية. ذلك في حين أن الرجل ليست لديه تلك الميزة حيث أنه إذا أخطأ في الشهادة، حتى إذا كان بسبب النسيان، يتعرض للعقاب كشاهد زور.15 كما تتضمن التفرقة بين الرجل و المرأة و التي تمثل أحد الاختلافات بين حقوق الإنسان الدولية و حقوق الإنسان في الإسلام التفرقة في الميراث. فلقد أقر الإسلام أن للذكر مثل حظ الأنثيين بين الإخوة و الأخوات. كما أنه أقر أن نصيب الزوجة من زوجها المتوفي نصف نصيب الزوج من زوجته المتوفية. و يرث الأب من ولده مثل الأم أو أكثر منها و لكن لا يقل عنها في أي حال من الأحوال. و ترجع هذه التفرقة إلى أن الإسلام قد جعل من واجبات الرجل الأساسية أن ينفق نفقة كاملة دون تقطير حسب إمكانياته على كل من يعولهم في حين أنه ليس من واجبات المرأة سواء كانت ابنة أو زوجة أو أخت الإنفاق على أحد حتى و إن كان على نفسها بغض النظر عن مستواها الاقتصادي. و بالتالي فإنه ليس من العدالة أن تأخذ المرأة نفس نصيب الرجل في الميراث في حين أنه ليس لديها نفس الواجبات، بل هي إسلاميا معفاة تماما من أية واجبات ترتبط بالإنفاق.16 كما أن من أوجه الخلاف المرتبط بالتفرقة بين الرجل و المرأة العلاقة الزوجية و منها حق الرجل في القيام على الأسرة و الإشراف على شئونها و حقه في طاعة الزوجة. و قد أوضح الكثير من العلماء المسلمين أن هناك سببان لهذا الحق. أولهما أن الرجل مكلف تكليفا كاملا بالإنفاق على الأسرة و بالتالي فإن من حقه الإشراف عليها. و الثاني هو أن غلبة العقل و التفكير عند الرجل يؤهلانه أن يقيم على الأسرة بصورة أفضل. و لقد قال الله تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم (سورة النساء، آية 34). و مع هذا فإن مبدأ الشورى و الرفق و الرحمة في التعامل من الواجبات اللازمة على الرجل. فالزوج ليس له الحق في الاستبداد و التحكم و إنما عليه واجب الرعاية و الحماية.17 كما أن المرأة لها الحق الكامل في اختيار زوجها دون إكراه من وليها. و في نفس الوقت، إذا ما اختارت المرأة زوج و رفضه وليها دون سبب شرعي، فعليها أن تذهب إلى القاضي ليتم عقد زواجها. و لأن الزواج علاقة بين أسرتين و لأن الزوجة و أسرتها هم الذين ينالهم الجزء الأكبر من الضرر عندما يكون الزوج غير كفء، فلقد أعطى الإسلام ولي الزوجة الحق في الاعتراض كما أعطى المرأة حق اللجوء إلى القاضي إن كان اعتراض الولي ظلما. و قد ذهب أبو حنيفة إلى أن للمرأة الحق في أن تتم زواجها بنفسها، شرط أن يكون زوجها كفء.18 و مما سبق، نجد أن الإنسجام الكامل بين حقوق الإنسان العالمية و حقوق الإنسان في الإسلام مسألة غير سهلة لأنها تتعرض إلى مسائل لها علاقة بالشرع المستمد مباشرة من القرآن، و ذلك بالنسبة لعموم المسلمين غير قابل للتغيير. و من ناحية أخرى بالرغم من أنه من المهم أن نضع قوانين دولية لحقوق الإنسان، إلا أن الأهم هو تفعيل هذه القوانين و ممارستها بصورة حقيقية على مستوى الدول و الحكومات و حتى الأفراد و أن لا تترك للأهواء السياسية و الشخصية.
1 اسماعيل أمين الحاج حمد نواهضة. "الرؤية الإسلامية لحقوق الإنسان" مؤتمر مستقبل الأمة الإسلامية، المؤتمر العام الخامس عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، جمهورية مصر العربية، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 2003، ص 742-745
2 عبد العليم محمد. حول المشروعية الوطنية و الثقافية لحقوق الإنسان، رسائل نداء الجديدة(38)، جمعية النداء الجديد، القاهرة، ص 5
3 أحمد الرشيدي. حقوق الإنسان: دراسة مقارنة في النظرية و التطبيق، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية، قسم العلوم السياسية: القاهرة، ط1، 2003، ص 35
4 أحمد الرشيدي: حقوق الإنسان دراسة مقارنة في النظرية و التطبيق، م. س. ذ، ص 137 - 144
5 أحمد الرشيدي: حقوق الإنسان دراسة مقارنة في النظرية و التطبيق، م. س. ذ، ص 145 - 151
6 عبد العليم محمد. حول المشروعية الوطنية والثقافية لحقوق الإنسان م.س.ذ، ص 8 - 9
7 سعيد سعيد النجار. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عيده الخمسين، رسائل النداء الجديد(46)، القاهرة، جمعية النداء الجديد، أبريل1999، ص 12، 13
8 جمال البنا. منهج الإسلام في تقرير حقوق الإنسان دار الفكر الإسلامي: القاهرة، 1999، ص 137 - 138
9 أحمد الرشيدي: حقوق الإنسان دراسة مقارنة في النظرية و التطبيق، م. س. ذ، ص ص 106-115
10 جمال البنا. البيان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان: مؤسسة فوزية وجمال البنا للثقافة والإعلام الإسلامي: القاهرة، 1999، ص 16 - 43
11 محمد عمارة. الإسلام وحقوق الإنسان ضرورات لا حقوق، دار السلام: القاهرة، ط1، 2004، ص 14
12 جمال البنا. منهج الإسلام في تقرير حقوق الإنسان، م.س.ذ، ص 66 - 75
13 مراد هوفمان. الإسلام كبديل مكتبة العبيكان: الرياض، ط 4، 2002، ص 192
14 على عبد الواحد وافي. حقوق الإنسان في الإسلام نهضة مصر: القاهرة، 2002، ص 84 - 85
15 محمد سليم العوا. أزمة المؤسسة الدينية دار الشروق: القاهرة، ط 2، 2003، ص 32
16 على عبد الواحد وافي. حقوق الإنسان في الإسلام نهضة مصر: القاهرة، 2002، ص 80 - 81
17 على عبد الواحد وافي. حقوق الإنسان في الإسلام، م.س.ذ، ص 81 - 82
18 على عبد الواحد وافي. حقوق الإنسان في الإسلام، م. س. ذ، 2002، ص 83
و لمزيد من المعلومات عن حقوق الإنسان، أنظر إلى المصادر الآتية:


أحمد الرشيدي. حقوق المرأة المصرية في الدستور و القانون رسائل النداء الجديد(59)، جمعية النداء الجديد: القاهرة، ،يونيو 2001. أحمد شمس الدين خفاجى. المشروعات الدستورية و حقوق الإنسان رسائل النداء الجديد (51)، جمعية النداء الجديد: القاهرة، مايو 2001. جعفر عبد السلام علي. القانون الدولي لحقوق الإنسان: دراسات في القانون الدولي والشريعة الإسلامية دار الكتاب المصري: القاهرة و دار الكتاب اللبناني: بيروت، ط1، 1999 زينب حسين عوض الله. حماية حقوق المستهلك في الاقتصاد المصري، رسائل النداء الجديد(15)، جمعية النداء الجديد: القاهرة. علي عبد الواحد وافي. حقوق الإنسان في الإسلام، سلسلة قضايا إسلامية،ع (13)، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: القاهرة، 1996 قضايا معاصرة: البصمة الوراثية ودورها في إثبات ونفي النسب، المفاهيم الاقتصادية لحقوق الإنسان، غسيل الأموال رؤية إسلامية، ع(112)، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: القاهرة، 2004 كامل حمود. صورة الإنسان في الحديث النبوي الشريف دار الفكر اللبناني: بيروت، ط1، 1993 كرم حلمي فرحات أحمد. الإسلام دين السلام وحامي حقوق الإنسان دار الأفاق العربية: القاهرة، ط1، 2003 مجوب التيجاني. الشرع الإسلامي بين حقوق الإنسان و القانون الدولي مركز الدراسات و المعلومات القانونية لحقوق الإنسان: القاهرة، 1995. محمد الغزالي. حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام و إعلان الأمم المتحدة نهضة مصر: القاهرة، ط1، 2003 محمود حمدي زقزوق. الإنسان في التصور الإسلامي، سلسلة قضايا إسلامية، ع(73)، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: القاهرة، 2001 مرتضى المطهري. حقوق المرأة في النظام الإسلامي،حيدر الحيدر(ترجمة)، مكتبة الفقيه: الكويت، 1986 ندوة علمية حول الشريعة الإسلامية و حقوق الإنسان في الإسلام، دار الكتاب اللبناني: بيروت، 1973 Conferences of Riyad, Paris, Vatican, City, Geneva, And Strasbourg, On Moslem doctrine and Human Rights in Islam: Between Saudi Canonists and eminent European Jurists and intellectuals, ministry of justice_Riyad &Dar Al kitab allubnani_Beirut

ليست هناك تعليقات: