الاثنين، 15 سبتمبر 2008

أثر العولنة على سيادة الدولة

جامعة الإسكندرية
كلية التجارة
قسم العلوم السياسة





"أثر العولمة على سيادة الدولة"


إعداد الباحث:
محمد عبد الفتاح الحمراوى

معيد بقسم العلوم السياسية










2007






مقدمة:
حققت البشرية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ، منجزات علمية وحضارية كبيرة. فقد قفزت الصناعة والتجارة على المستوى العالمي قفزة هائلة ، وأصبحت الصناعات الدقيقة والمعلوماتية من الأشياء الضرورية.(1)
ولا يمكن إغفال ما أتاحته تكنولوجيا الاتصالات الحديثة من خلال الكثير من الوسائط التي ألغت الحدود الجغرافية ، وقربت المسافات، وسهلت إمكانية الحصول على المعلومات من أي مكان وتجميعها وتخزينها وبثها بشكل فوري متخطية قيود الوقت والمساحة. وقد تمثلت هذه المبتكرات في الأقمار الصناعية ، والحاسبات الإلكترونية ، وخطوط الميكروويف ، والألياف الضوئية، والاتصالات الرقمية، والكيابل المحورية، والوسائط المتعددة، والاتصال المباشر بقواعد المعلومات وشبكاتها مثل (الإنترنت) والتليفونات الخلوية المحمولة، والبريد الالكتروني ، وعقد المؤتمرات عن بعد وغير ذلك مما أسهم إسهاماً كبيراً في ارتباط العالم ببعضه وساهم في تغيير كثير من الأفكار والمفاهيم.(2)
ويمتد تأثير القوي بحسب إمكانياته المادية والمعنوية التي تساعد على الوصول والاتصال بالآخر على هذه الأرض. إن العولمة التي أنتجتها العالم الغربي تقتحم أربعة جوانب أساسية للدولة ذات السيادة فهي تضعف من احتكار الدولة على قرارها وسلطاتها وتقلص من إصدار تشريعاتها. وإذا لم تحافظ الدولة على ما يفرضه زمن العولمة ، فإنها تتعرض إلى خطر على أمنها السياسي والاقتصادي والبيئي، وتبعاً لذلك تفقد مصداقيتها الدولية وبالتالي سلطتها.(3)
كما أنه لا مناص لدول العالم كافة ، فقيرها وضعيفها ، من مواكبة التغيرات التي تطرأ على العالم طالما أن الأغنياء هم من يرسموا "قواعد اللعبة" في عالم أصبح قرية واحد يمكن للإنسان في لحظات أن يتصل بالآخر ومن خلال ذلك أصبح تأثير القوي أسرع وأقوى على الضعيف. ومنا هنا كان منبع فكرة العولمة التي تفرض على العالم بأسره وجوب الاتصال والتواصل وبقدر ما تملك من أدوات القوة تؤثر في الآخر وإلا كان من الضروري العمل بسرعة حتى يمكن اللحاق بالركب ومعالجة القصور.(4)
وفي الوقت الذي توجد فيه أصوات العالم تنادي بأن ظاهرة العولمة هي ظاهرة صوتية ، ليس لها أثر، أتت أول أشكال العولمة على أرض الواقع ، وهي منظمة التجارة العالمية ، والتي تعتقد المنظمات والمؤسسات الدولية ، بأنها الفتح الجديد لأمم الأرض من أجل السلام والرخاء والأمن.(5)
ولا يستطيع أحد أن ينكر ما للاقتصاد من أهمية كبرى في التأثير على الدولة كافة، والدول النامية بشكل خاص فهو عمود الحياة ، ويرجع له الدور الأكبر في تغيير ثقافات الشعوب وعادتها وقراراتها وخططها السياسية سواء الداخلية أو الخارجية التي تعمل على إيجاد الحلول للمشكلات بشكل عام والسياسية والاقتصادية بشكل خاص.(6)
وكان لابد للدول التي تعاني من مشاكل تحد من جعلها في مقدمة الدول التي تصنع القرار العالمي والتأثير فيه ، ومن دراسة ظاهرة العولمة وإثارة التساؤلات حولها، ومامدى تأثيرها على ثقافاتها وسياساتها وتأثيرها في سيادة الدولة ومجتمعاتها في الأجلين القصير والبعيد.

· مشكلة البحث:
تتمثل مشكلة البحث في معرفة العلاقة بين العولمة والسيادة والحد من آثرها المترتبة على السياسات الداخلية والخارجية للدول.


· متغيرات البحث:
تحدد مشكلة البحث متغيرين تفترض وجود علاقة بينهما. الأول العولمة كمتغير مستقل يسعى البحث لتوضيح آثارها بأبعادها(الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية) في المتغير التابع. والثاني السيادة الذي يسعى البحث لتحديد مدى تأثره بالمتغير المستقل.


· أهمية البحث:
تبرز أهمية مشكلة البحث في أنها تلفت النظر إلى وجوب تغيير النظرة المحددة في نطاق الإقليم عند رسم السياسات الداخلية والخارجية ووجوب معالجة تلك السياسات مع الأخذ في الاعتبار العوامل العالمية التي يمكن أن تؤثر على تلك السياسات ومحاولة استشراف المستقبل تجاه قضية مهمة كقضية السيادة . وقد تم تناول هذه المشكلة لمعرفة أثر العولمة على السيادة لأن كثيراً من السياسات للدول لا بد لها من التأثر بالفكر العالمي لأن هذا الفكر لم يعد مجرد خيالات بل حقيقة على أرض الواقع المتمثل في فكرة العولمة .



· أهداف البحث:
يهدف البحث من خلال التركيز على سيادة الدولة وإبراز أثر العولمة بأبعادها المختلفة عليها لتحقيق التالي :
- التعريف بالعولمة : المفهوم ،والمعوقات وعلاقتها بالسيادة.
- التعريف بالسيادة ونشأتها .
- توضيح أثر العولمة على السيادة ، ومحاولة استشراف مستقبل السيادة في ظل العولمة.





· فرض البحث:
يفترض البحث وجود علاقة اقتران سالبة بين العولمة والسيادة . بمعنى أنه كلما زادت مظاهر العولمة أثر سلباً على سيادة الدولة .

· منهج البحث:
يعتمد البحث في فحص الفرض على المناهج التالية:
أ- المنهج التاريخي و ذلك لحصر الأحداث و الاستفادة منها .
ب- المنهج ألوصفي من خلال معرفة أهم الصفات المميزة للعولمة.
ج- المنهج التحليلي وذلك لتحليل الظواهر المترتبة على العولمة ومحاولة استشراف الرؤية المستقبلة لتأثيرها على السيادة.

خطة البحث:
- يشمل البحث بالإضافة إلى المقدمة على أربعة مباحث رئيسية وخاتمة وهي على النحو التالي:
المبحث الأول: التعريف بمفهوم العولمة ونشأتها.
المبحث الثاني: أبعاد العولمة والآثار المترتبة عليها.
المبحث الثالث: التعريف بمفهوم السيادة ونشأتها .
المبحث الرابع:أثر العولمة على السيادة.















المبحث الأول
مفهوم العولمة ونشأتها

مفهوم العولمة
يرجع بعض المفكرين مصطلح العولمة إلى تنبؤات عالم الاتصال والمفكر"مارشال ماكلوهان" في الستينات الميلادية من القرن العشرين الذي تنبأ أن العالم أصبح ، بفضل تطور الاتصال ، قرية كونية. ويرجع البعض الآخر أصل المصطلح إلى الفكر الفلسفي الألماني الذي توجه هيجل بمقولته الشهرية حول "الدولة العالمية المنسجمة" التي تنعدم فيها التناقضات الأيدلوجية وتطبيق حقوق الإنسان كأسمى قيمة للدولة العالمية الإنسانية.(7)
لفظة العولمة هي ترجمة للمصطلح الإنجليزي(Globaliztion)، وبضعهم يترجمها بالكونية، وبعضهم بالكوكبة، وبعضهم بالشمولية ،إلا إنه في الآونة الأخيرة أشتهر بين الباحثين مصطلح العولمة، وأصبح هو أكثر الترجمات بين أهل السياسة والاقتصاد والإعلام ، وتحليل الكلمة بالمعنى اللغوي يعني تعميم الشيء، واكتسابه الصبغة العالمية ،وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله ، ويقول عبدا لصبور شاهين عضو مجمع اللغة العربية"فأما العولمة مصدراً فقد جاءت توليداً من كلمة عالم ونفترض لها فعلاً هو عولم يعولم عولمة بطريقة التوليد القياسي... وأما صيغة الفعللة التي تأتي منها العولمة فإنما تستعمل للتعبير عن مفهوم الأحداث والإضافة ، وهي مماثلة في هده الوظيفة لصيغة التفعيل.(8)
وحذر الباحث فيليب غوميت من عدم المبالغة بأهمية هذه الظاهرة ، لأنها لا زالت غير واضحة المعالم لا من حيث تحديد المفهوم ، ولا من حيث اختبارها على أرض الواقع ، حيث أن القول بأن ظاهرة العولمة تلغي التمايز القومي إلغاءً تاماً، وتتخطي السيادة القومية للدول في بعض القطاعات كالمال والإعلام والثقافة ، هو قول غير دقي فالدولة القومية تحتفظ بالكلمة الفاصلة فيما يتعلق بمسائل أخرى منها الدفاع والتجارة الخارجية.(9)
ويعرف البعض العولمة بأنها محاولة تشكيل حقيقي لإمبريالية معرفية جديدة، تتمثل بنقل الرغبة في الهيمنة والاستحواذ من إطار الدولة القومية إلى إطار العالمية.
ويربط البعض العولمة بالإعلام فالعولمة من هذا المنطلق تعني عملية الإنتاج والتبادل المادي والرمزي على مستوى الكوكب. حيث أن العولمة تتخذ من الفضاء العالمي مجالاً جغرافيا ، وحقبة ما بعد الدولة القومية زمانياً.(10)
ويعرفها جورج طرابيشي" بأنها الظاهرة التاريخية لنهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، مثلما كانت القومية هي الظاهرة لنهاية القرن التاسع العشر وبداية القرن العشرين".(11)
ويعرفها عبدالخالق عبدالله " بأنها في جوهرها حركة تاريخية وليدة وما زالت قد التأسيس . وهي شبيهة بحركة الحداثة التي برزت منذ حوالي 300 عام. وتستهدف دمج العالم وتوحيده اقتصاديا وسياسياً وحضارياً"(12)
وبكلمة أخرى العولمة تعني تعميم زحف القيم المادية والرمزية على مستوى الكوكب. ويرى البعض أن منطق العولمة يطيح بحدود دول الجنوب بينما يقوي ويمتن من حدود دول الشمال.(13)
ويمكننا أن نوجز أسباب ظهور ظاهرة العولمة في عالمنا المعاصر إلى سببين رئيسيين :(14)
1. إن العالم قد شهد تزايدا تدريجيا في كثافة التفاعلات الدولية بعامل تزايد درجة الاعتماد المتبادل، و تطور وسائل المواصلات ،والتكنولوجيا الاتصالية ، وهو ما على امتداد فترات زمنية طويلة، وقد تواكب مع ذلك انفتاح متزايد للثقافات المحلية على الثقافات الأخرى بعامل النزوع نحو العالمية، وبحكم تزايد التفاعل فيما بينهما، مما هيأ على المدى الطويل إلى إيجاد مشترك ثقافي إنساني على المستوى العالمي . إن هذا النوع من التغير هو تطور تاريخي طبيعي ذو طبيعة تدرجية تراكمية، أو هو عملية تطورية تأتى تعبيرا عن قوانين سوسيولوجية طبيعية وخالدة، قد تعكس النزعة الإنسانية نحو التفاعل، أو التعارف، كما تعكس أيضا إرادة الأقوى، ورغبته في توجيه دفة الأمور على مستوى العلاقات الدولية، وكذا قدرته على الـتأثير في الأضعف على نحو يفوق بكثير قدرة ذلك الأخير على التأثير في الأول .
2. أن العالم قد شهد في أعقاب سقوط الإتحاد السوفيتي تحولا، جذريا، كيفيا و فجائيا ، في أنماط التفاعل والنظم التي تحكم علاقات ما بين الدول بشكل طارئ، وسريع، ومتلاحق خلال فترة زمنية قصيرة، بحيث يمكننا القول أن هذه التغيرات لم تقتصر على مجرد الزيادة الكمية في كثافة التفاعلات الدولية – على النحو الذي كان يحدث بشكل تدريجي خلال المراحل التاريخية السابقة – وإنما باتت تؤثر في طبيعة، أو نوعية، أو أنماط هذه التفاعلات.















المبحث الثاني
أبعاد العولمة والآثار المترتبة عليها

· أبعاد العولمة:
إن العولمة بما تحمله من نظرة مرنة للسيادة والحدود الوطنية وتقليص لدور الحكومات ، وتطبيقات من تذويب وفتح الأسواق الوطنية أمام حركة وتدفق رأس المال والخدمات بدون حدود أو ضوابط لا تقيم وزناً للسياسة والمفاهيم الوطنية، وإنما محركها الأول والأخير كفالة هيمنة الاقتصاد والتجارة و والمال على مصير العالم. ونتيجة لذلك فعلى الحكومات أن تتنحى عن دورها الاقتصادي لصالح القطاع الخاص ، وأن تفسح المجال لقوانين السوق لكي تدير الشأن الاجتماعي.(15)
ويرى البعض أن الهدف النهائي للعولمة هو السيطرة على الإدارك واعتبرها كلمة جديدة في القاموس السياسي ، حيث أنها تهدف الى اخضاع النفوس بتعطيل فاعلية العقل، وتكييف المنطق والتشويش على نظام القيم ، وتوجيه الخيال، وتنميط الذوق، وقولبة السلوك، وبالتالي فهي تكريس لنمط معين من الثقلفة الاستهلاكية، وتكريس نوع معين من المعارف والسلع والبضائع تشكل ما يمكن تسمية"ثقافة الاختراق" وهدف هذه الثقافة هو التطبيع مع الهيمنة ، وتكريس الاستتباع الحضاري، وتقوم على اختراق الهوية الثقافية للأفراد والجماعات والأمم. إنها ثقافة جديدة تماماً لم يشهد التاريخ مثيلاً لها من قبل ، فهي ثقافة إعلامية ، سمعية وبصرية، تصنع الذوق الاستهلاكي اقتصاديا، والرأي العام سياسياً، وتشييد رؤية خاصة للإنسان والمجتمع . والعولمة تعتبر إعادة تقسيم للعالم وفق مبدأ الأقوى، تستخدم فيه كل وسائل العالم الحديث والتكنولوجيات المعاصرة بدلاً من الاحتلال العسكري المباشر الذي كان سائداً في بداية القرن .(16)
إن أبعاد العولمة عديدة ومتنوعة إلا أنها تتبلور في بعض السمات التي تميز زمن العولمة، ويتسم زمن العولمة على سبيل المثال لا الحصر بالاتي:(17)

§ انحسار دور الدولة : يرى كثير من الباحثين تراجعاً"للوطنية" وقد نجحت الشركات متعددة الجنسية في تحديد وتوظيف دور الدولة للتجاوب مع منطقها وتوجهاتها، وبالتالي اقتصر دور الدولة على الدفاع عن السيادة والاستقرار الوطنيين وهو يدافع عن مشروعية الشركات الاستثمارية ، والذي يخدم في نفس الوقت كلا الطرفين في التنمية أي الدولة والشركات، ولذلك فإن ذلك يؤدي إلى تغير في وظيفة الدولة وشكلها.

§ الانتقال من اقتصاد الدولة المنطوي على ذاتها إلى الاقتصاد العالمي الذي يتميز ببروز منظمة التجارة العالمية التي تحل محل أنظمة الإنتاج الوطنية.

§ الاتجاه إلى التكتلات الكبرى ومثال ذلك الاتحاد الأوروبي ، ومنطقة التجارة الحرة لشمال أمريكا، والمنتدى الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي، والتي تهدف إلى رعاية المصالح المشتركة لأعضائها ، وتحمي نفسها من خلال إتحادها.

§ الشركات العملاقة: حيث أن الشركات العالمية أحد أبرز آليات دفع العولمة لتحقيق مصالحها ، فهي تتحكم في إدارة حركة الاقتصاد العالمي، ويشكل الاستثمار الأجنبي للشركات محوراً رئيسياً في توجه الدول النامية والمتقدمة صناعياً تجاه العولمة.

§ زيادة الاندماجات والتحالفات بين الشركات العملاقة، ويبرز ذلك من خلال توجه الأقطاب المتنافسة لتكوين استراتيجيات تحالفية أو اندماجية ، وتحولت الشركات من إطار التنافس إلى إطار التحالف الذي يهدف إلى تقليص تكلفة المنافسة والبحوث والتطوير ونقل التكنولوجيا مما يعزز قدرات التحالفات.

§ الثورة المعلوماتية والتكنولوجية: إن ظاهرة التطور التكنولوجي والمعلوماتي من خلال تطور وسائل الاتصال والانترنت والإعلام عززت زمن العولمة، ولعل تزامن هاتين الظاهرتين لم يكن صدفة فقد جاءت العولمة امتداداً للثورة المعلوماتية والتكنولوجية.


· آثار العولمة:
إن استعراض الآثار لقضية العولمة لا يهدف إلى وجود الفرص أو عدمها بالنسبة للدول الضعيفة، ولكن الأهم البحث عن الاستفادة الأكثر منها خلال الايجابيات، وتفادي السلبيات، وفق ما يخدم المصالح . إن اختلاف وتيرة التغيرات المطلوبة من كل بلد وتحديد آثارها يتطلب بحثاُ مستمراً وتقصياً ميدانياً بهدف رصد النتائج ، ورسم سياسة مواجهة ملائمة لتخفف من الآثار السلبية للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ناهيك عن الجوانب السياسية.(18)
وفيما يلي عرض لهم الآثار التي يمكن رصدها من الناحية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية وذلك على النحو الآتي:-

· الآثار الاجتماعية للعولمة:
العولمة بمفهومها الإنساني الرفيع والمجرد تعزيز التعاون الدولي وترسيخ التضامن الإنساني ، لتحقيق النمو للاقتصاد العالمي دون الإخلال بالأمن والاستقرار، وهذا ما تحاول منتديات الأمم المتحدة العالمية من الدعوة إلية وتشجيعه ، وذلك لإحياء التعاون الإنمائي الجاد باعتباره أحد ركائز السلام العالمي ، لربط أبعاد التنمية العالمية الخمسة: السلام ، البيئة، الاقتصاد، المجتمع والديمقراطية.(19)
ويقع على عاتق الحكومات مسئولية التخفيف من الكلفة الاجتماعية للعولمة في مراحلها الانتقالية؛لأن العنصر البشري هو أكبر المتضررين.
وينطوي على توسع مد العولمة عدة آثار اجتماعية وهي:(20)
أ‌- سوف تشمل الإصلاحات الاقتصادية من ظل العولمة عمليات تصحيح مؤلمة، حيث يتفاقم التضخم، والبطالة، بإزالة ضوابط الأسعار والكشف عن الخسائر الفعلية لبعض الأنشطة.

ب‌- سوف تؤدي تدابير التكييف الاقتصادي إلى انكماش الناتج المحلي والعمالة والاستهلال ، وقد لا يمكن تجنب هذه التكاليف الانتقالية.

ت‌- سوف تزداد حدة آثار التكاليف الاجتماعية على الفقراء إذا لم يحسب حسبانهم في تقدير تلك التكاليف.

ث‌- سوف يكون أكثر المتضررين صغار المزارعين والعمال غير المهرة وأصحاب الدخل المحدود والمنخفض.


· الآثار السياسية للعولمة:
إن العولمة تخترق أربعة جوانب رئيسية للدولة ذات السيادة ، هي الاحتكار-السلطة-التشريع-الحدود الجغرافية، ومن هنا يتقلص دور الحكومات في إصدار التشريعات داخل الدولة وممارسة سلطاتها ، وما لم تستطيع الدولة أن تحافظ على أمنها الاقتصادي والسياسي والبيئي ، فإنها تفقد مصداقيتها ، ومن ثم سلطتها.
ويمكن إجمال أهم الآثار السياسية للعولمة فيما يلي:(21)
أ‌- إفساح المجال أمام التعددية السياسة وحرية التعبير في إطار مبدأ"السوق الحر للأفكار" ،مما أدى إلى سقوط حواجز كانت بعض الدول تحتمي بها من تيار العولمة، مثل الصين وأوربا الشرقية.

ب‌- تقليص دور السلطة التقليدية للدولة، فالدولة لا تختف ولكنها تتفكك إلى أجزائها المتميزة وظيفيا، وتقيم تلك الأجزاء شبكات مع شبيهاتها في الخارج(مؤسسات إعلامية-محاكم-هيئات تنظيمية-منظمات غير حكومية) لتكون نسيجاُ من العلاقات التي تشكل نظاماُ جديداُ عابراً للحكومات.

ت‌- هناك تغير ملحوظ في مركز الدولة، حيث أن قوتها تجير الى الشركات المتعددة الجنسية تدريجياً، وتغيرت حدود السوق الجديدة لتخرج عن حدود الدولة ، كما أن سيادة الدولة لم تعد تحظى بسيادة مطلقة، بل أصبحت تخترق بطرق شتى مادية أو معنوية.

ث‌- احتلت اعتبارات الجغرافيا الاقتصادية مكان اعتبارات الجغرافيا السياسية ، وأصبح لها اليد العليا في رسم السياسات الخارجية للدول، وتحديد مصالحها القومية، وصياغة برامجها للأمن القومي.
ج‌- إحياء المجتمع المدني في مختلف أنحاء العالم ، وتحول المنظمات التطوعية (حقوق الإنسان، المرأة ، الأقليات العرقية) إلى طرف فاعل في النظام الدولي يضغط على الدولة في بعض الأحيان.


· الآثار الاقتصادية للعولمة:
على الرغم من أن عولمة الاقتصار لم تكن ظاهرة بوضوح قبل عام 1990م، إلا أن التجارة الدولية عرفت منذ 750 سنه قبل الميلاد ، وفي جميع الأحوال فإن العولمة شكل من أشكال النشاط الدولي تقوده التقنية الحديثة، لترسيخ سوق كونية واحدة، من خلال تحرير السياسات المالية والائتمانية والتكنولوجية والاقتصادية من القيود والتنظيمات الحكومية المعروفة.(22)

ويمكن إيراد بعض الآثار الاقتصادية للعولمة فيما يلي:-(23)
أ‌- صعود التكلات الاقتصادية الإقليمية،مثل الاتحاد الأوروبي، وهي منطقة التجارية الحرة لشمال أمريكا، والمنتدى الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي، والتي تستهدف تحقيق وحماية مصالح أعضائها.

ب‌- الإعلان عن قيام منظمة التجارة العالمية في إبريل 1994م بمراكش، وهي تعبر عن النظام التجاري العالمي الجديد، وتم عمل المنظمة اعتباراً من 1995م، والتي تقضي بتحرير تدريجي للتجارة العالمية في السلع والخدمات والملكية الفكرية.

ت‌- تعاظم دور الشركات العالمية الكبيرة واستخدامها لاستراتيجيات الاندماج، خاصة مع تطور شبكات المعلومات والتجارة الالكترونية.

ث‌- انتشار معايير الجودة العالمية والمواصفات القياسية من خلال المنظمة الدولية للمواصفات القياسية، وهي مواصفات قياسية عالمية تلتزم بها الدول الصناعية الكبرى.

ج‌- انفتاح النظم المالية والاستثمارات العالمية، حيث ألغى كثير من سقوف أسعار الفائدة في فترة الثمانينات والتسعينات بين كثير من دول أوربا والولايات المتحدة الأمريكية ، وسمح ذلك للبنوك باجتذاب مستثمرين أجانب، حيث قدمت لهم أسعار فائدة أعلى ، وفي الوقت نفسه قلت القيود المفروضة على إنشاء فروع لبنوك أجنبية، مما جعل النظم المالية العالمية أكثر انفتاحاً.

· الآثار الثقافية للعولمة:
يرى البعض أن المرحلة التي نعيشها حالياً ليست واضحة المعالم حيث تتميز من الناحية الفكرية في غياب التراث الأساسي الذي يشكل خلفية الإنتاج، والذي كان يمثل تراث النهضة. وفي ظل هذه الصورة يلاحظ انفلات الفكر الديني المذهبي والطائفي من جهة، وانجراف جموع من المثقفين لترويج فكر العولمة من جهة أخرى.(24)
ومن هذا المدخل يمكن سرد بعض الآثار الثقافية للعولمة بالتالي: - (25)
أ‌- امتدت ثقافات المجتمعات الغربية الصناعية إلى المجتمعات التقليدية لتجدد شكل تنظيمها الاجتماعي، وأدى الإنتاج المتزايد إلى الاستهلال المتزايد، وتوفير المستلزمات الاجتماعية لدولة الرفاه.
ب‌- تطور الاتصالات يشكل تهديداً للثقافة الوطنية، ورغم انه متعارف على ان الثقافات الوطنية تنمو من خلال احتكاكها بالثقافات الأخرى، إلا أن هناك خوف من فقدان الثقافات لهويتها نتيجة استخدام التكنولوجيا الحديثة، حيث أنه بدلاُ من التبادل الثقافي المتوازن، نجد بعض الدول الكبرى تحاول فرض ثقافتها على البلدان الأخرى.

ت‌- أصبح اكتساب الطابع الفردي ظاهرة عالمية ، حيث أصبحت المجتمعات خاضعة بدرجة كبيرة للتقلبات العالمية لعمليات نقل التكنولوجيا ، والتبادل التجاري والمالي، والاستقرار السياسي ، وكثيراً ما يترتب على ذلك انعدام فعالية الأشكال التقليدية للتضامن الاجتماعي.

ث‌- إن الاتجاه العالمي للفردية يحدث تأثيرات ثقافية متماثلة بدرجة صارخة على مستوى العالم، ويكون ذلك أكثر وضوحاً لدى الشباب أكثر من لدى كبار السن.

ج‌- إن الاختراق الثقافي يسعى إلى تفتيت منظومة القيم الثقافية الوطنية، وإحلال القيم ذات الطابع الاستهلاكي محل القيم الوطنية.

ح‌- أفرزت هذه الثقافة روح التعصب لدى القوميات التي كانت من المعتقد أنها اختفت مثل الأكراد ، وهي جهود تستهدف التأكيد على الهوية القومية، وتقاوم الاتجاه العالمي نحو التجانس الثقافي.

· الآثار الإعلامية والتكنولوجية:
تلعب تكنولوجيا المعلومات دوراً مهماً في تغيير البنية الثقافية والنظم التقليدية عبر العولمة، وأصبحت الأفكار والمعلومات في بيئة التكنولوجيا الرقمية والمتمثلة بوسائل الاتصال (الميديا) في عالم الانترنت وتلفزيون المواصلات (الكابل) والأقمار الصناعية وغيرها سهلة التعاطي ولها قدر كبير على التأثير الفاعل. والأكثر من ذلك سطوة الإعلام المتطور الذي يغرى بالتقليد والمحاكاة ويخلق اساليباً وطرقاً حديثة تتناسب مع التطور التكنولوجي ، ولها قدرة هائلة على الجذب والاستقطاب.(26)
ولذلك يمكن تبسيط الآثار الإعلامية والتكنولوجية في زمن العولمة ببعض النقاط التالية:-(27)
أ‌- اتاحت تكنولوجيا الاتصال الحديثة الكثير من الوسائط والوسائل التي ألغت الحدود الجغرافية، وقربت المسافات ، وسهلت إمكانية الحصول على المعلومات من أي مكان وتجميعها وتخزينها وبثها بشكل فوري متخطية قيود الوقت والمساحة.

ب‌- زيادة الاتجاه نحو الإعلام المتخصص والاتصال غير المركزي الذي يقدم رسائل متعددة تخاطب حاجات فردية وجماعات متجانسة، بدلاً من الاتصال الموجه لعموم الجماهير، ويعتمد إنشاء هذا الاتصال على التوسع في تأسيس خدمات اتصالية متحررة من النظم والقيود الحكومية.

ت‌- فقدان الحكومات الوطنية لاحتكار البث التلفزيوني الذي يتلقاه المواطنون، مما جعل بعض الحكومات تعيد النظر في سياستها الإعلامية، وفتح المجال أمام تأسيس خدمات اتصال إلكترونية غير حكومية ، لتعزيز القدرة على المنافسة الإعلامية في السوق الدولية.

ث‌- اتجاه صناعة الاتصال الجماهيري إلى التركز في كيانات كبيرة وملكية مشتركة متعددة الجنسية ، حيث شمل شبكات الراديو والتلفزيون ، ونظم الكيابل ، والحاسبات الالكترونية وصناعة الالكترونيات.

ج‌- الاندماجات الاقتصادية في الحقل المتصل بوسائل الإعلام ، حيث شملت المكونات المادية ، والمكونات الإعلامية.











المبحث الثالث
مفهوم السيادة ونشأتها وأنواعها

أن مفهوم سيادة الدولة لهو واحدا من المفاهيم الهامة الذي أهتم به فقهاء القانون و باحثي السياسة على قدم المساواة وذلك منذ أن أبتدعه جان بودان الفرنسي عام 1576 في كتبه الستة عن الدولة، ولا يعدو مفهوم السيادة – كمفهوم قانوني – أن يكون مجرد وصف للقدرة الفعلية للدولة ومن ثم لقوتها، وللسيادة أيضا مفهوم سياسي إلى جانب ذلك المفهوم القانوني السابق فهو يمثل واقعا سياسيا معينا و الذي هو القدرة الفعلية على الإنفراد بإصدار القرار السياسي في داخل الدولة و خارجها و من ثم القدرة الفعلية على الاحتكار الشرعي لأدوات القمع في الداخل وعلى رفض الامتثال لأية سلطة تأتيها من الخارج.(28)
وتعتبر السيادة هي المميز الرئيسي للسلطة السياسية للدولة و لأهمية هذا المميز نجد إنه أنتقل من كونه صفة إلى أسم فبدلا من أن يقولوا السلطة السياسية ذات السيادة بدأوا يتكلمون عن سيادة الدولة ليقصدوا بها نفس المضمون: استقلال الدولة وعدم خضوعها لأي سلطة أخرى.
تعريف السيادة عند دكتور / مصطفى أبو زيد فهمي:-
"هي السلطة الأصلية التي تنبع سائر السلطات الأخرى منها وهى لا تنبع من أيا منها لأنها أصلية، فمثلا سلطة العمدة تنبع من سلطة المأمور، وسلطة المأمور تنبع من سلطة المحافظ و سلطة المحافظ تنبع من القانون و سلطة القانون تأتى من البرلمان الذي تأتى سلطته من الدستور و الدستور تضعه الجمعية الـتأسيسية، وسلطة الجمعية الـتأسيسية تنبع من الأمة، وسلطة الأمة لا تنبع من أي سلطة أخرى فليس هنالك ما يساويها أو يعلوها، إذن فهي السلطة العليا، و الأمة هي صاحبة السيادة ".(29)
ومن وجهة النظر القانونية يمكننا تقسيم الدول من حيث السيادة إلى نوعين رئيسيين:-

· الدول ذات السيادة الكاملة:
يقصد بالدولة ذات السيادة الكاملة الدولة التي تتمتع باستقلال كامل في مباشرتها سيادتها الخارجية و الداخلية، فلا تخضع في ذلك لسيطرة أو هيمنة أية دولة أو هيئة أخرى تحت أية صورة من الصور، ومثال هذه الدول، الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، إذ أن جميع الأعضاء تكون دولا كاملة السيادة.
فتستقل الدول كاملة السيادة استقلالا تاما في مباشرة سيادتها الخارجية، ومن أهم عناصر الاستقلال في مباشرة السيادة الخارجية، حرية تبادل التمثيل الدبلوماسي مع دولة أو دولا معينة، أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع أية دولة، كذلك حرية الاشتراك في عضوية الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية، و إعلان الحرب ...الخ.
كما تستقل الدولة كاملة السيادة استقلالا كاملا في مباشرة سيادتها الداخلية، فتكون لها كامل الحرية في اختيار نظام الحكم المناسب لظروفها، ووضع الدستور الذي يحدد العناصر الأساسية للدولة و السلطات العامة فيها، و حقوق الأفراد وحريتهم العامة و العلاقات بين هذه السلطات و إصدار القوانين واللوائح.. الخ.(30)

· الدول ناقصة السيادة:-
هي تلك الدول التي لا تتمتع باستقلال كامل في مباشرة سيادتها الخارجية أو الداخلية أو كليهما معا، وذلك لخضوعها لسيطرة دولة أخرى خارجية أو منظمة أو هيئة دولية، مما يترتب على ذلك من مشاطرتها لتلك الدولة في ممارسة سيادتها الخارجية أو الداخلية أو الاثنين معا، ومن أمثلة الدول ناقصة السيادة الدول المحمية والدول التابعة و الدول الموضوعة تحت الانتداب أو الوصاية لدولة أو لدول أخرى، ومن الدول التي وضعت تحت الحماية تونس، إذ خضعت لحماية فرنسا منذ سنة 1881، و قد انقضى ذلك عام 1956، حيث اعترفت فرنسا رسميا باستقلال تونس و سيادتها و كذلك مراكش حيث خضعت للحماية الفرنسية منذ عام 1912.(31)

ومما سبق يمكننا التفرقة بين مضمونين للسيادة أحداهما سلبي والأخر إيجابي:- (32)
· المضمون السلبي:-
ويتجسد المضمون السلبي لسيادة الدولة في أنها لا تخضع لسلطة أخرى في الداخل، و في عدم تبعيتها لأية دولة أجنبية و امتناعها عن القيام بأي عمل يمس استقلال دولة من الدول في الخارج.

· المضمون الإيجابي:-
ويتمثل المضمون الإيجابي للسيادة في تمتع الدولة بالسلطة التي تعلو على الجميع في الداخل، و التي بمقتضاها تقوم بوضع دستورها، وسن قوانينها، وتحديد نظام حكمها، وتنظيم إدارتها، وغير ذلك من شؤون الدولة وفى المجال الدولي فأن المضمون الإيجابي ينعكس في قيام الدولة بإبرام المعاهدات، وتوقيع الاتفاقات.











المبحث الرابع
أثر العولمة على سيادة الدولة

كما ذكرنا في المقدمة أنه من أبرز الانعكاسات التي ظهرت في الأبعاد السياسية للعولمة هي صعوبة الفصل وعلى نحو متزايد بين ما هو داخلي و ما هو خارجي فلقد ارتكزت أسس التنظيم الدولي و منذ قرون عديدة على النظر إلى جماعة الدول باعتبار أن كل دولة تمثل وحدة سياسية متميزة عما عداها من الدول ، كما اقتصرت العلاقات الدولية في بداياتها الأولى على صورتين من صور التعامل الدولي الرسمي أولها صــورتا الدبلوماسية ، و الإســتراتيجية ( الحرب ). وهكذا و في ظل النظر إلى الدول كوحدات مستقلة منعزلة عن بعضها البعض و اقتصار التفاعل فيما بينها على أضيق نطاق. كما من الميسور الفصل بين ما يعد من الشؤون الداخلية للدول، والتي لا يصح للغير التدخل فيها عملا بمبدأ ( عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ) وبين ما هو دولي أو خارجي.
غير أنه بمرور الوقت أخذت هذه الفكرة تتراجع تدريجيا تحت ضغط التفاعل المتزايد فيما بين الدول سواء على المستوى الرسمي أو غير الرسمي و نتيجة لتنامي ظاهرة الاعتماد الدولي المتبادل بحيث لم يعد ينظر للحدود الإقليمية كحاجز أو كعائق يحول دون التفاعلات الدولية ، وقد أدى ذلك إلى ظهور الفكرة التي عرفت بسياسات الترابط بمعنى الترابط بين الأوضاع الدولية العالمية وبين الأوضاع المحلية الداخلية و العكس.
كما تجدر الإشارة كذلك إلى أن ظاهرة العولمة قد تواكبت مع التحول الذي طرأ على صورة النسق العالمي من صورة النسق ثنائي القطبية إلى صورة جديدة راحت تعرف بالنسق أحادى القطبية Unipolar system الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية ويدور في فلكها مجموعة الدول الصناعية الكبرى ( دول الشمال الغنى)، بينما تمثل دول الجنوب مجموعة الدول التابعة نظرا لفقرها الاقتصادي وضعفها الإستراتيجي ومن ثم افتقارها إلى أهم أداتين من أدوات التأثير الدولي في عالمنا المعاصر، بحيث باتت هذه الدول تمثل تبعا لذلك مجرد مسرح للتنافس فيما بين القوى الكبرى. وتتمثل أبرز الأبعاد أو الانعكاسات السياسية للعولمة فيما يلي: -(33)
1- تراجع مبدأ السيادة الوطنية للدول.
2- تراجع قوة الدولة القومية وتضاؤل دورها.
3- بروز مفهوم الحكم كبديل للحكومة.
4- تزايد الاتجاه نحو التكتل الدولي بين دول الشمال مع تزايد حدة التفتت في دول الجنوب.

ولعل أكثر ما يهمنا في هذا الصدد هو التركيز على تأثير العولمة على مبدأ سيادة الدولة و الذي يتمثل فيما يلي:-
· تراجع مبدأ السيادة الوطنية للدول:
لقد ظل مبدأ السيادة منذ أن نبه إليه جان بودان عام 1576 يمثل حجر الزاوية للتنظيم الدولي الحديث، إذ نصت عليه و أقرته كافة القوانين و المعاهدات و النظم و الأعراف الدولية. وعلى الرغم من التراجع التدريجي الذي لحق بهذا المفهوم عبر العصور نظرا لما وجه إليه من انتقادات فقهيه تمس صفة الإطلاق فيه، و نظرا لما صادفه في التطبيق من معوقات فرضتها حقائق البيئة الدولية، مما استلزم التميز بين ( السيادة كمفهوم قانوني ) بمعنى الاعتراف للدول قانونا بحقها جميعا على قدم المساواة في أن تتخذ ما تراه مناسبا من قرارات أو من سياسات تكفل لها حماية مصالحها الوطنية، (بين السيادة كواقع سياسي ) بمعنى القدرة الفعلية للدولة على أنفاذ أرادتها في المجال الدولي .(34)
وعلى الرغم من ذلك كله فقد ظل مفهوم السيادة كفكرة قانونية مجردة لفترة طويلة محاطا بهالة من القدسية ومنزها عن يطالع أي انتقاص أو تشكيك، غير أن مفهوم السيادة قد لحقه التغير بشكل ملموس منذ منتصف القرن العشرين، وقد كان مرد ذلك إلى أمور عدة، منها على سبيل المثال:-(35)

1- التوسع المتزايد في أبرام الاتفاقيات الدولية الشارعة، والنظم الدولية التي تتضمن قواعد و أحكاما ملزمة لعموم الدول، ويمكننا أن نتمثل تلك الحقيقة الهامة فيما يلي:-

أ‌- أن ثمة قواعد قانونية دولية أمرة حاليا تختص بتنظيم مجالات عديدة، وقد أصبحت لهذه القواعد حجية في مواجهة كافة الدول فلا يجوز بحال الاتفاق على ما يخالفها، حتى و لو كان ذلك تذرعا بفكرة السيادة.
ب- أنه قد أضحت لدينا في نطاق الجماعة الدولية نظم للرقابة و الأشراف الدولي تقوم بمهام التحقق و التفتيش و هو ما نلاحظه في مجالات اتفاقيات حقوق الإنسان و التسلح النووي و اتفاقيات العمل الدولية على سبيل المثال .
ج- استقرار الفقه و القضاء الدولي على عدم أمكانية احتجاج الدول بدساتيرها أو بتشريعاتها الداخلية و هي من مظاهر السيادة الوطنية للتنصل من الالتزامات الدولية سواء أكانت ذات طبيعة تعاقدية، أو ناشئة عن أحكام القانون الدولي العام و النظم الدولية ذات الصفة الشارعة حتى وان لم تصدق الدول عليها تنضم إليها.

2- الاتجاه المتنامي نحو احترام حقوق الإنسان و حرياته الأساسية، و نحو كفالة الضمانات الدولية التي تمكن لاحترام هذه الحقوق وتكفل عدم انتهاكها من جانب الحكومات الوطنية.

3- الاتجاهات الحديثة في مجال تقنين قواعد المسئولية الدولية و التي تجيز للشخص الدولي المضرور أمكانية تحريك دعوى المسئولية الدولية حال وقوع الضرر بصرف النظر عن مدى مشروعية أو عدم مشروعية الفعل الذي تسبب في وقوعه .

4- كتابات بعض فقهاء القانون الدولي – من أمثال alvarez في نظريته عن ( الاعتماد الأجتماعى الدولي المتبادل ) – و التي تدعو إلى ضرورة تحقيق نوع من المواءمة بين اعتبارات الصالح الدولي العام وبين مقتضيات السيادة الوطنية للدول .

5- الاتجاه المتزايد نحو إقامة الكيانات الدولية عابرة القومية أو فوق القومية.

6- بروز نوعية من المشكلات الدولية التي تستلزم تكاتف الجهود الدولية وتضافر الإيرادات السياسية للدول في سبيل التوصل إلى حلول ناجحة و فعالة لها، من ذلك مثلا: مشكلات البيئة و التلوث، ومشكلات الطاقة، مشكلات ندرة المياه و الجفاف و التصحر، مشكلات التضخم و البطالة والفقر و نقص الغذاء، مشكلات الإرهاب و العنف السياسي، مشكلات انتشار الأمراض الوبائية كالإيدز و إدمان المخدرات و الجريمة المنظمة .. الخ.

وبصفة عامة يمكن القول بأن ظاهرة العولمة قد نأت بالعلاقات الدولية عن صورة النسق الدولي التقليدية القائمة على جمع من دول ذات سيادة.
وقد تباينت أراء المحللين في هذا الصدد، إذ يرى بعض الكتاب أن العالم يشهد حاليا ما يمكن أن يسمى بأفول السيادة the Twilight of Sovereignty في حين يرى البعض الأخر أن النسق العالمي قد أنتقل بالفعل إلى ما بعد السيادة.

وقد كان من نتائج تراجع مبدأ السيادة الوطنية للدول أن تزايدت أمكانية التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى ، فقد تعددت و تنوعت مبررات التدخل الأجنبي ، من ذلك مثلا : التدخل لاعتبارات إنسانية ، والدخل لحماية حقوق الإنسان و حقوق الأقليات العرقية ، والتدخل بدعوى مقاومة الإرهاب الدولي.. الخ .(36)

ولعل من أبرز المواضيع التي تثار في هذا الصدد عدم وجود معايير واضحة و مستقرة يتقرر على أساسها التدخل أو عدم التدخل إذ تظل الدول الكبرى مصرة على حقها في أن تقرر الأخذ بأي من الخيارين على أساس مصالحها ، وهو ما يؤدى إلى ما يعرف بمشكلة ازدواجية المعايير أو بسياسة الكيل بمكيالين.






· بعض الاستثناءات التي خرقت مبدأ السيادة

- حقوق الإنسان:-
كانت أولى ذرائع انتهاك سيادة الدولة ما عرف باسم مبدأ التدخل الإنساني، هذا المبدأ طالبت الدول الكبرى بإقراره في اجتماعات الدورة 54 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وخلالها قادت هجمة لتعديل مفهوم سيادة الدولة على نحو يفتح الطريق أمام التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة تتهم بانتهاك حقوق الإنسان أو ممارسة سياسة تمييزية ضد أي فئة من الفئات المكونة لشعبها.

وهذا التعديل لمفهوم السيادة فتح الباب أمام تسييس مبدأ التدخل الإنساني خاصة وانه ليس هناك توصيف موضوعي متفق عليه لاعتبار أمر ما جريمة ضد الإنسانية أو انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية، وبدأت بوادر تشير إلى تعلل القوى الدولية الكبرى ـ خاصة الولايات المتحدة ـ بالمبدأ لخدمة مصالحها. كما فتح الباب أمام تغذية صراعات محلية ودعم جماعات عرقية ولغوية ودينية وأحيانا سياسية وتشجيعها على إثارة قضايا وإمداد الخارج بما يمكن أن يستخدم كذريعة للتدخل ضد حكوماتها. (37)
وبدأت حملة غريبة ضارية شارك فيها كوفي أنان أمين عام الأمم المتحدة على مفهوم سيادة الدولة، إذ تم اعتباره مفهوماً تقليدياً يحتاج إلى التطوير كي يتمكن المجتمع الدولي من التدخل حماية لحقوق الإنسان، وإيجاد مفهوم المحاسبية الدولية كبديل لمفهوم سيادة الدولة القديم.
ولسوء الحظ فإن تغيير المفاهيم بدأ عملياً في حالة كوسوفو نهاية التسعينيات قبل إن تحتشد الآلة الفكرية الغربية لتكريسه على المستوى النظري وانتزاع قبول دولي به، وكانت كوسوفو مثالاً صارخاً على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية مما وفر ذريعة للولايات المتحدة كي تتدخل ولا يلاقي تدخلها ممانعة دولية ذات شأن.(38)

- المحافظة على النظام العالمي:
برغم أن حق الدولة في العمل بقوانينها الوطنية وحقها في أن تكون في مأمن من التدخل الخارجي لم يُسلبا تماما، إلا أن القداسة التي أحاطت بهما كمظاهر أساسية لسيادة الدولة لم تعد كما كانت من قبل. لقد أصبح لممارسة الحقين شروط من منظور المساءلة الدولية، ليس كحقيقة واقعة، ولكن من ناحية المبدأ على الأقل. لقد تم تدويل السيادة. فاشتملت عملية تدويل السيادة على توسيع لأبعادها الخارجية. فالقاعدة الأساسية التي يقوم عليها المجتمع الدولي -وهى الاعتراف المتبادل بين دول لها سيادة- اتسعت بصورة معينة أدت إلى وضع شروط لممارسة الدولة حقوق السيادة، أهمها ألا يتسبب من جراء ممارسة تلك الحقوق إحداث اضطراب في النظام العالمي. وفى كثير من الحالات التي حدث فيها ذلك ، مارس مجلس الأمن السلطات المخولة له متجاوزا الحقوق التقليدية للسيادة. والإجراء العسكري الذي اتخذه حلف الناتو تجاه كوسوفو أكد الواقع الجديد، بأنه قد أصبح ممكنا أن تقوم دولة ما بهذا العمل عندما لا تقوم الأمم المتحدة ومجلس الأمن باتخاذ الإجراءات الكافية. ويعتبر وضع كوسوفو وتيمور الشرقية تحت السلطة الكاملة لإدارة دولية انتقالية بتكليف من الأمم المتحدة من أكبر العلامات وضوحا على وجود صورة للسيادة الدولية، لذلك فإن شرط الاعتراف بسلطة الدولة العليا لم يعد يرجع فقط إلى الشعب.(39)
وفى حين أن الصورة الملكية و الشعبية للسيادة كانت تفترض وجود محاسبة خارجية فقط على التصرفات الخارجية للدولة ، إلا أن الوضع قد تغير. فعندما تؤثر أمور داخلية لدولة ما على الدول الأخرى، فلا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن - نيابة عن النظام الدولي كله- ولا الدول المتضررة تستطيع أن تترك مصالحها الحيوية الحقيقية أو المتصورة للخطر. وهذا يؤكد مقولة أن الفوضى هي ما تفعله الدول. فعالمنا المعاصر -ولأسباب مختلفة - أصبح صغيرا وصار أكثر اعتمادا على بعضه البعض، ولم يعد السؤال كيف تكون آمنا من التدخل الخارجي ؟ ولكن كيف تحافظ على النظام العالمي المتداخل والذي تعتمد عليه من التمزق بسبب ما يحدث داخل الدول الأخرى؟. فالمجتمع الدولي يقوم على الاستقرار، وتمزق هذا الاستقرار يضر بالدول الأخرى المعتمدة في رخائها عليه.
لقد تأكدت هذه الثورة المتمثلة في الشرط الجديد لسيادة الدولة عندما صرح السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي أنان لم يعد هناك حصانة للسيادة. ويعنى مفهوم تدويل السيادة وجود نظام لمساءلة الدول في حالة تعسفها الشديد في ممارسة حقوق السيادة. هذا لا يعنى فرض رقابة دولية على كل دولة في كل المجالات التي تقع تحت مسئولياتها، ولكنه قد يعنى قيام الدول المهتمة بالاستقرار العالمي بلفت نظر الدول الأخرى التي تمارس تصرفات أو تعسفاً صريحا في استخدام حقوق السيادة بمدى التهديد الذي يمثله ذلك للنظام الدولي.(40)
سوف تبقى السيادة مبدأ أساسيا لتعريف النظام الدولي، لكن ممارسة حقوق السيادة يجب ألا تتسبب في عدم استقرار هذا النظام بصورة غير مقبولة ماديا وفى إطار القواعد المعمول بها، لذلك فإن إسهام الدولة في تحقيق التوازن والاستقرار للنظام الدولي هو الذي يمنحها حق السيادة.
وتأتى إرادة الشعب في المرتبة الثانية. لقد استبدلت السيادة الشعبية كمؤهل أول لوجود الدولة بسيادة أخرى موازنة لها. فالأساس الأول لسيادة الدولة أصبح مدى إسهامها في استقرار النظام والمجتمع الدولي. فعندما كان الشعب هو المصدر الأول للسيادة كانت السيادة تعنى حق الدولة في تسيير أمورها الداخلية وحصانتها أمام التدخل الخارجي، والآن يمكن ممارسة تلك الحقوق بشرط أن تكون الدولة عنصر دعم واستقرار للنظام الدولي.

- حماية دولة من عدوان دولة أخرى:-
الغرض من ترتيبات السيادة كان دائما الحد من الحروب، أو بتعبير آخر، حماية النظام الذي تعتمد عليه جماعة الدول. لم تكن السيادة مجرد رغبة في حماية الدولة بالمعنى المباشر للحماية، ولكن حماية الدولة من الإجراءات الخارجية الهادفة إلى تغيير هيكلها الداخلي، واعتُبرت السيادة بذلك أداة لتقليل احتمالات الحرب. وبرغم أن ذلك لم يمنع الحرب، إلا أنه وفر إطارا مهما لتشجيع الاستقرار داخل النظام العالمي. فالاستقرار سوف يتحقق ويتم المحافظة عليه عن طريق عدم السماح بالاعتداء على حدود دولة أخرى ذات سيادة. كانت تلك القاعدة الأساسية التي قام عليها المجتمع الدولي والذي تم تقنينه فعليا بعد ذلك في سنة 1945. وبدأ الوضع في التغير بداية من التسعينيات.
أقام سلام ويستفاليا مبدأ للاحترام المتبادل بين الأمراء داخل دائرة سلطة الدين. وكان الهدف ألا يصبح الدين -سبب حرب الثلاثين عاما والتي انتهت باتفاق ويستفاليا- بعد ذلك سببا للحرب عن طريق إقرار مبدأ عدم التدخل في نطاق العاهل الآخر. فعلى كل أمير أن يحدد طريقة ممارسة الدين داخل حدوده، وعلى الآخرين الامتناع عن محاولة تغيير ذلك. هذه كانت نقطة البداية لمجموعة من التطورات داخل النظام الدولي حددت قواعد الحرب وأدت في النهاية إلى الاستقرار والحد من الحروب. وكان قيام الأمم المتحدة ذروة لتلك التطورات، فقد قيدت مواد الميثاق كثيرا حق استعمال القوة.(41)
دعم ميثاق الأمم المتحدة بشكل تعاقدي النظام الدولي. فالهدف الأساسي من الأمم المتحدة هو الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين كما هو موضح في المادة الأولى من الميثاق. ويعنى ذلك إقامة إطار لحماية الدول والنظام الدولي ككل من العدوان الخارجي لأية دولة أو مجموعة من الدول التي لا تراعى مبادئ عدم التدخل الخارجي ولا تحترم سلطة القوانين الوطنية للدولة. هذا التقنين لنظام السيادة يمكن التعرف عليه في المادة الثانية والمادة 51 من الميثاق. وتؤكد الفقرة 51 حق تقرير المصير، في حين تمثل المادة الثانية من الميثاق نقطة مرجعية لمبدأ عدم التدخل وسيادة القانون الوطني للدولة. وتنص الفقرة الرابعة من هذه المادة على أن الدول لن تستخدم القوة أو أية وسائل أخرى لا تتناسب مع أهداف الأمم المتحدة ضد وحدة الأراضي والاستقلال السياسي للدول الأخرى. ودعمت الفقرة 7 تلك المفاهيم من خلال تركيزها على أولوية التشريعات الوطنية للدولة حتى ضد الأمم المتحدة في الأحوال العادية (أما الأحوال الاستثنائية فسوف تناقش بعد ذلك أعطى نظام الأمن الجماعي المرسوم داخل ميثاق الأمم المتحدة لهيئة واحدة -مجلس الأمن- مسئولية رئيسية هي الحفاظ على الأمن والسلام العالميين. ولتحقيق ذلك أعطى الميثاق مجلس الأمن صلاحيات خاصة في الباب السابع، مثل منحه مسئولية تعريف التهديدات التي تؤثر على الأمن والسلام (المادة 39)، وسلطة اتخاذ الإجراءات العسكرية وغير العسكرية لمواجهة تلك التهديدات (المادة 42 و 41). والشئ المهم في ذلك أن واضعي الميثاق قد جعلوا مجلس الأمن في وضع تصبح من خلاله كل إجراءات الباب السابع إجبارية وملزمة وناسخة لكل القوانين الأخرى بما فيها حقوق السيادة. هذه النقطة تظهر بوضوح في العبارة الأخيرة من المادة الثانية الفقرة السابعة (نفس المكان الذي يظهر فيه حق الدولة في تطبيق قانونها الوطني). هذه العبارة الأخيرة تؤكد أن تنفيذ قرارات مجلس الأمن لا يعيقها سلطة القانون الوطني للدولة. وباختصار من الممكن تجاوز حقوق عدم التدخل وسيادة القانون الوطني من أجل مصلحة الأمن والسلام الدوليين.(42)
يضع هذا التغيير حدودا رسمية لسيادة الدولة. وبرغم أن ذلك لم يتم ملاحظته خلال الأربعين سنة الماضية، إلا أن صلاحيات مجلس الأمن لفرض قراراته والموجودة في الباب السابع من الميثاق تعبر عن وضع استثنائي في التعامل مع مدلولات وحقوق سيادة الدولة. وبمجيء سنوات التسعينيات بدا أن عصر حرب دولة ضد دولة أخرى قد ولى (رغم حرب العراق والكويت التي تمثل استثناء يثبت القاعدة). إن الدول لم تعد تحاول ضم أراضى الدول الأخرى، والحالات الأخرى مثل حرب الهند وباكستان وإثيوبيا وإريتريا نتجت في الأصل من تركة انقسام تلك الدول عن بعضها البعض. و تبدو الحقيقة في أن الأسباب التقليدية المعروفة للحروب والناتجة عن النزاعات المسلحة والتنافس بين الدول قد تآكلت. واعترافا بتلك الحقيقة، اتخذ مجلس الأمن مقتربا جديدا في التعامل مع السلام والأمن الدوليين.
أكد التعريف الجديد الذي وضعه مجلس الأمن للسلام والأمن الدوليين على وضع نهاية للحماية المطلقة للدولة المكتسبة من حق السيادة. فلم تعد الحرب بين الدول تمثل التهديد الحقيقي للنظام الدولي. فالتهديدات الحقيقية تأتى الآن من مصادر أخرى متنوعة داخل وخارج حدود الدولة. المجموعة الأولى من مصادر التهديد تأتى من النزاعات الداخلية والتجاوزات الشديدة لحقوق الإنسان، في حين تعتبر المخاطر البيئية ضمن المجموعة الثانية مع أن مسئوليتها قد تعود إلى الدولة التي تتصرف أحيانا بصورة تهدد البيئة. وفى سنة 1992 تأكد هذا التحول وأصدر رؤساء الحكومات والدول الأعضاء في مجلس الأمن إعلانا يشكل الاتجاه الجديد. وبناء على ذلك مرر مجلس الأمن في العديد من المشاكل كثيرا من القرارات المبنية على الباب السابع تعبر عن مساحة عريضة من الإجراءات غير العادية لمعالجة تلك المشاكل. هذه الإجراءات غطت ثلاثة مجالات: تدخل عسكري-سياسي، العدالة، وأسلوب الحكم، وغيرت في طبيعة المزايا التي تتمتع بها الدولة من خلال مبدأ السيادة.
تغير التدخل السياسي-العسكري بشكل كبير وأصبح مصحوبا بإجراءات قضائية وإدارية (مثل إنشاء المحاكم الجنائية في يوجوسلافيا ورواندا وتحمل المسئولية كلها في حكم كوسوفو وتيمور الشرقية بالإضافة إلى تحمل مسئوليات جزئية في مناطق أخرى من العالم). استمر هذا التغير خلال التسعينيات. وبرغم أن عددا من الانتقادات قد قدرت عن طريق الخطأ أن قفزة في النشاط قد حدثت في الجزء الأول من التسعينيات ثم خبت بعد ذلك، إلا أن الحقيقة كانت مختلفة. ولقد اتسع مدى التدخل وأسبابه خلال التسعينيات وبعض الإجراءات الراديكالية حدثت في النصف الثاني من التسعينيات. من أبرز تلك التدخلات التي حدثت في النصف الأول من العقد كانت العراق والصومال وتاهيتى ويوجوسلافيا السابقة ورواندا وليبيريا، وأما الأحداث الأخرى التي حدثت في النصف الثاني فقد ارتبطت بعدد من القرارات ضد أفغانستان 1996-1999، والسودان 1996 (وهى القرارات الأكثر راديكالية في تاريخ مجلس الأمن)، ثم كوسوفو، وتيمور الشرقية في 1999، والبوسنة والهرسك. وتعتبر قرارات مجلس الأمن في تلك الفترة نقطة تحول أساسية بالنسبة لمفهوم السيادة وكيفية إدارة الأمن والسلام الدوليين. وعكس الاستخدام الجديد لصلاحيات مجلس الأمن الموجودة في الباب السابع للميثاق بدء مرحلة جديدة من الجهود لحماية الدول والمجتمع الدولي.(43)
وبإعادة تعريف مفهوم التهديد للسلام والأمن الدوليين، وباعتبار أن الدول هي التي تُكون المجتمع الدولي، أعاد مجلس الأمن صياغة المبدأ الحاكم الذي يحمى الدول والنظام الدولي الذي يعتمدون عليه. المبدأ القديم والمُؤسس على مفهوم السيادة كان حماية الدولة ضد التدخل في شئونها الداخلية والحفاظ على النظام والاستقرار باتخاذ إجراءات لوقف العدوان الخارجي المسلح ضد الدول. الآن تغير الحال، وتغيرت الاحتياجات، وأصبح التحدي الذي يواجه السلام والأمن هو حماية النظام الدولي الذي تعتمد عليه الدول من الفوضى وعدم الاستقرار نتيجة ما قد يحدث من أحداث وقلاقل داخل بعض الدول الأخرى. الأولوية الآن هي منع الاضطرابات الداخلية في الدول من أن تنتقل عدواها إلى الجسد الدولي فتؤثر على غالبية الدول التي تعتمد عليه. إن الثورة التي حدثت في مفهوم السيادة قد تم تدعيمها والتكامل معها حتى تحددت بثورة أخرى في المبدأ الحاكم لحماية الدول وحفظ السلام والأمن الدوليين.

- الإصلاح الديمقراطي:-
ظهرت قوى التغيير الديموقراطي بعد أن قررت أمريكا فجأة أن تنشر الديموقراطية في العالم، وقد انعكست التطورات السياسية/ الاقتصادية على صعيد السياسية الدولية حيث استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تحتل مواقع أساسية مكنتها من تقرير مسار السياسة الدولية خاصة بعد حرب الخليج الثانية.
لقد أفضت حرب الخليج الثانية باعتبارها منعطفا" كبيرا" في السياسة الدولية إلى تبلور مفاهيم جديدة في العلاقات الدولية منها الديمقراطية وحقوق الإنسان..الخ من المفاهيم التي أصبحت ثوابت في السياسة الدولية وموضوعات فكرية لأغلبية القوى والتيارات السياسية العالمية.
وهذا لا يعني منح شرعية للمطالب الأمريكية أو القول بأن أمريكا جادة في سعيها لنشر الديمقراطية والإصلاح السياسي، حيث من الممكن أن يكون السبب من ذلك هو لعدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على تأمين الحماية للمصالح الأمريكية بسبب رفض بعض الدول للانسياق وراء مشاريع الهيمنة الأمريكية.(44)

- مكافحة الإرهاب:-
منذ القرن التاسع عشر اعتبر العالم النمساوي المختص بالإستراتيجية كارل فون كلوزوفيتش الحرب ظاهرة اجتماعية، والفيلسوف الفرنسي ريمون ارون قال بأن الحرب والسلم وجها عملة واحدة. وإن كانت الحرب امتدادا للسياسة فإن الإرهاب السياسي امتداد لها بشكل آخر، وإن مقياس الحكم على الحرب من حيث شرعيتها أو عدمه يعتمد على هدف الحرب وبواعثها فإنه من المنطقي أن يكون الحكم على الإرهاب السياسي مرتبطا بالهدف من ممارسته. إلا أنه نظرا لأن العمليات (الإرهابية) تولد ضحايا قد يكونون أبرياء وتثير مشاعر الخوف والرهبة عند الناس، فإن الاتجاه الغالب هو التهرب من المسؤولية عن هذه الأعمال، ومحاولة إلقاء التبعية على الآخرين، فالآخرون هم الإرهابيون و القتلة، وحتى في الحالات التي تلجأ فيها دولة أو جماعات إلى ممارسة هذا النوع من الإرهاب، فإنها تضفي عليه مسميات مثل الدفاع عن النفس أو الإرهاب ضد الإرهاب أو الإرهاب الأبيض... الخ من المسميات.
إن الإرهاب هو عنف ولكن ليس كل عنف إرهاب، فالعنف قد يكون حربا -العدوانية منها أو غير الشرعية يمكن أن يكون بها عدوانا – وقد يكون جرائم جنائية – وهذه تخرج عن إطار المقصود بالإرهاب السياسي وبالعنف السياسي بشكل عام حتى ولو توفرت عناصر الجريمة على ترهيب الضحية – وقد يكون ثورة أو انقلاب عسكري، أو عمليات أمنية تقوم بها أجهزة الدولة الخ.وكل شكل من أشكال العنف السياسي يمكن أن يتحول إلى إرهاب سياسي في حالة تجاوزه للقانون وللأعراف المعمول بها.
كما أن الإرهاب السياسي قد يأخذ بعدا دوليا ويسمى إرهاب دولي إذا تجاوز حدود الدولة الواحدة كأن يمارسه أفراد أو جماعات ضد أشخاص أو مصالح دولة غير التي ينتمون إليها أو ضد مصالح دولتهم المتواجدة خارج الدولة، هذا ويلاحظ أن التوجه الأمريكي الأخير في محاربة الإرهاب أصبح يزيل الفوارق بين الإرهاب الداخلي والإرهاب الدولي من منطلق أن كل أنواع الإرهاب تهدد السلام والأمن العالميين، وبالمفهوم الأمريكي تهدد المصالح الأمريكية، ومن هنا لاحظنا إرسال الولايات المتحدة قوات عسكرية إلى الفلبين واليمن واندونيسيا وجورجيا وقبل ذلك إلى لبنان والصومال.(45)

تعريف الإرهاب مشكلة معقدة حتى يجوز القول إن تعريف الإرهاب أصعب من محاربته وقد تعددت التعريفات حول الإرهاب، فقد عرفه الفقيه سوتيل بأنه العمل الإجرامي المقترف عن طريق الرعب أو العنف أو الفزع الشديد بقصد تحقيق هدف محدد. ويعرفه جيفانوفتش بأنه أعمال من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالتهديد مما ينتج عنه الإحساس بالخوف من خطر بأي صورة.إذا كان التعريفان السابقان يعرفان الإرهاب بشكل عام سواء كان سياسيا أو غير سياسي، فأن هذا الإرهاب يصبح سياسيا عندما يصبح هدف الفاعل من ممارسته لفعل الإرهاب تحقيق هدف سياسي أو التأثير على الوضع العام، ومن هنا يعرف الفقيه البولوني فاسيورسكي الإرهاب بأنه (منهج فعل إجرامي يرمي الفاعل من خلاله إلى فرض سيطرته بالرهبة على المجتمع أو الدولة بالمحافظة على علاقات اجتماعية عامة أو من أجل تغييرها أو تدميرها).(46)

من خلال ما سبق طرح المفكرين والباحثين لرؤى مستقبل السيادة الوطنية في ضوء المتغيرات الحادثة خاصة العولمة. وقد وضع الباحثون أربعة سيناريوهات رئيسية لمستقبل السيادة الوطنية هي:

1- سيناريو اختفاء السيادة:
يرى أنصار السيناريو أنه كما حلت الدولة محل سلطة الإقطاع تدريجيا منذ نحو خمسة قرون، سوف تحل اليوم الشركة متعددة الجنسيات تدريجيا محل الدولة والسبب ان الشركات متعددة الجنسية تسعى خلال تلك المرحلة إلى إحداث تقليص تدريجي في سيادة الدول، بما يؤدي إلى اختفاء مفهوم السيادة، ثم الدولة القومية ذاتها في مرحلة لاحقة، وستكون الوظيفة الجديدة للدولة خدمة المصالح المسيطرة وهي في الأساس مصالح الشركات الدولية العملاقة. والواقع أن فكرة تلاشي سيادة الدولة، ثم اختفاء الدولة القومية في مرحلة لاحقة من الأفكار الشائعة في تاريخ تطور الفكر السياسي، حيث قالها ماركس والفوضويون ومع ذلك لم تنته السيادة ولم تتلاش الدولة القومية. (47)

2- سيناريو استمرارية السيادة:
يرى أنصار هذا السيناريو أن التطورات الراهنة في النظام الدولي لن تأتي على السيادة تماما؛ فالسيادة الوطنية ستظل باقية ما بقيت الدولة القومية ذاتها، وأقصى ما يمكن للتطورات الجارية في النظام الدولي المعاصر أن تفعله هو أن تنال من طبيعة الوظائف أو الأدوار التي تضطلع بها الدولة بالمقارنة بما كـــان عليه الحال في ظل النظام الدولي التقليدي. (48)

3- سيناريو الحكومة العالمية:
يذهب هذا السيناريو إلى أن هناك تغييرا سيحدث في مفهوم السيادة الوطنية، حيث ستتنازل الدولة القومية عن سيادتها لصالح حكومة عالمية منبثقة من نظام عالمي ديمقراطي، حيث تغير العولمة طرح فكرة الحكومة العالمية ليس باعتبارها حلا بعيد المنال وإنما باعتبارها عملية في طور التكوين.(49)

4- سيناريو التفكيكية:
يتوقع أنصار هذا السيناريو أن الدول القومية لن تكون قادرة على مباشرة مظاهر سيادتها على إقليمها بسبب تفككها إلى عشرات وربما إلى مئات من الدول القومية الصغيرة، تارة تحت دعوى التعبير عن هويات من حقها أن تعبر عن نفسها، وتارة أخرى تحت دعوة توطيد صلة المواطنين بالسلطة، وربما احتجاجا على تحيز النظام الدولي الجديد لجماعات دون أخرى، وعلى الرغم من تزايد الحروب الأهلية والنزعات الانفصالية، وهو ما يجعل حدوث هذا السيناريو محتملا، فإن ثمة تحفظات أخرى تلاحقه، فلا بد أن قوى مضادة ستعمل على مرحلة هذا السيناريو بسبب خطورته الشديدة.(50)







الخاتمة:
لقد حاول البحث تتبع المتغيرات التي صاحبت العولمة منذ نشأتها وآثارها سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو الإعلامية ، التي صاحبت ظهورها، وانعكاساتها على المجال السياسية وعلى وجه التحديد على سيادة الدولة.
حيث أظهر المبحث الأول ضبابية فكرة العولمة والاختلاف حول تعريفاتها . ولكن ظهر جلياً أن العولمة ظاهرت عالمية ، برزت منذ سقوط الاتحاد السوفيتي ، وتطورت خلال فترة زمنية قصيرة تستهدف دمج العالم، وإلغاء الحدود الجغرافية، مما يهدد سيادة الدولة.
كما أظهر المبحث الثاني أن العولمة الاقتصادية هي الظاهرة الأكثر جلاءً في مسار التطورات الجذرية التي غيرت شكل العالم في العقد الأخير، كما أن توحد السوق الاقتصادية الدولية يشكل محدداً رئيسياً من محددات آلية عمل الرأسمالية التي ارتبطت بها التحولات الاقتصادية التي صاغت شكل العالم الحديث.
وتناول أيضاً هذا المبحث أبعاد العولمة التي تبلورت في بعض السمات التي تتميز زمن العولمة، مثل الشركات العملاقة، وانحسار دور الدولة، وبروز منظمة التجارة العالمية ، والاتجاه إلى التكتلات الكبرى، وزيادة الاندماجات والتحالفات بين الشركات العملاقة، والثورة المعلوماتية والتكنولوجية، كما استعرض المبحث آثار العولمة على الجوانب الاجتماعية، والسياسية ، والاقتصادية،والثقافية، والإعلامية، والتكنولوجية.

لقد تعدد وتنوعت انعكاسات ظاهرة العولمة على المجال السياسي داخلياً وخارجياً على حد سواء، ولعل من أبرز هذه الانعكاسات صعوبة الفصل وعلى نحو متزايد بين ما هو داخلي وبين ما هو خارجي، ويمكن أن نخلص إلى أن هناك علاقة اقتران سالية بين العولمة والسيادة بمعنى أنه كلما زادت مظاهر العولمة أثر سلباً على سيادة الدولة، لقد تناول المبحث الثالث مفهوم السيادة منذ نشأته ، وحاول البحث تقديم صورة واضحة عن الدول كاملة السيادة والدول الناقصة السيادة موضحاً في ذلك المضمون السلبي والايجابي للسيادة .
وفي المبحث الرابع حاول البحث توضيح المتغيرات والمؤثرات التي صاحبت العولمة وتقلص دور السيادة الوطنية ، وهو ما يوضح ارتخاء قبضة الدولة على أصولها وأجزاء من إقليمها وسحب بعض الوظائف منها موضحاً بحث الاستثناءات التي خرقت مبدأ السيادة مثل حقوق الانسان ، والمحافظة على النظام العالمي، وحماية دولة من عدوان دولة أخرى، وكذلك الإصلاح الديمقراطي ومكافحة الإرهاب موضحاً دور النظام الدولي الراهن التدخل في الشئون الداخلية للدول بهذه الحجج مما أسفر عن انتهاك واضح لسيادة تلك الدول الوطنية.
وفي النهاية تم التطرق إلى مستقبل السيادة الوطنية في ضوء المتغيرات التي طرأت علية وخاصة في ظل العولمة موضحين أهم السيناريوهات الرئيسية لمستقبل السيادة الوطنية وهي سيناريو اختفاء السيادة ، وسيناريو استمرار السيادة، وسيناريو الحكومة العالمية، وسيناريو التفكيك للدول القومية .
الهوامش:
1-مهيوب أحمد،العرب والعولمة:مشكلات الحاضر وتحديات المستقبل، مجلة المستقبل العربي،2000م،عدد 256،ص85.
2-حسن مكاوي،أبعاد العولمة وإعادة هيكلة وسائل الإعلام، مجلة البحوث والدراسات العربية،1998، عدد 3 مجلد 38،ص21.
3-حسن مكاوي ، المرجع السابق،ص12.
4-إبراهيم العيسوي،اللغات وأخواتها،مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،1995،ص137.
5-لورنس كلاين، منظمة التجارة العالمية والاقتصاد الدولي،مركز الامارات للبحوث،أبوظبي،1999،ص3.
6-لورنس كلارين،المرجع السابق،ص7.
7-فلاح كاظم المحنة،العرب والعولمة، شئون عربية ، 2001 ، عدد 106، ص115.
8-محمد المسعد، مفهوم العولمة ، دار طيبة للنشر، الرياض،2004م ، ص 16-25.
9-محمد المسعد، المرجع السابق، ص25-30.
10-فلاح كاظم المحنة ، مرجع سابق، ص114.
11-فلاح كاظم المحنة، المرجع السابق، ص114.
12-فلاح كاظم المحنة ، المرجع السابق، ص114.
13- فلاح كاظم المحنة ، المرجع السابق، ص114.
14-ممدوح منصور، العولمة دراسة في المفهوم والظاهرة والأبعاد،دار الجامعة الجديدة،الإسكندرية،2003م، ص27-29.
15-زياد عربية،العولمة وآثارها الاجتماعية،مجلة التعاون،2000، عدد 51،ص211.
16-مهيوب أحمد، مرجع سابق، ص62.
17-خالد الشريدة،العولمة،ندوة المجتمع والأمن في دورتها الثانية:كلية الملك فهد الامنية،مركز البحوث والدراسات،2002م، ص181-183.
18-زياد عربية،مرجع سابق،ص216.
19-زياد عربية ، المرجع السابق، ص215.
20-زياد عربية، المرجع السابق،ص12.
21-حسن مكاوي، أبعاد العولمة وإعادة هيكلة وسائل الإعلام، مجلة البحوث والدراسات العربية،1999م،عدد31،ص12.
22-حسن مكاوي ،المرجع السابق،ص13.
23-حسن مكاوي ، المرجع السابق،ص16.
24-مهيوب أحمد ، مرجع سابق،ص63.
25-حسن مكاوي، مرجع سابق، ص18.
26-نجاح كاظم، العرب وعصر العولمة،المركز الثقافي العربي، المغرب-الدرار البيضاء،2002م، ص158.
27-حسن مكاوي ، مرجع سابق، ص21.
28-طه بدوي، ليلي مرسي، النظرية العامة للعلاقات الدولية، كلية التجارة،جامعة الإسكندرية،الطبعة الرابعة،1992، ص55.
29-مصطفى أبو زيد فهمي، مبادئ الأنظمة السياسية،كلية الحقوق،جامعة الإسكندرية،دار الجامعة الجديدة للنشر،2003، ص34.
30- عمرو فؤاد بركات، النظم السياسية،جامعة طنطا،1989،ص32.
31-عمرو فؤاد بركات، المرجع السابق، ص33-37.
32-عبدالعزيز شيحا، النظم السياسية والقانون الدستوري، منشأة المعارف،2000،ص144.
33-عبدالصبور شاهين،العولمة جريمة تذويب الأصالة،مجلة المعرفة، الكويت،عدد74.
34-فضل الله سلطح،العولمة السياسية،مكتبة بستان المعرفة، الكويت،1999،ص103-104.
35-ممدوح منصور،مرجع سابق ،ص45-47.
36-ممدوح منصور، المرجع السابق، ص48.
37-عماد جاد، التدخل الدولي بين الاعتبارات الإنسانية والابعاد السياسية، مطبوعات مركز الدراسات السياسية الاستراتيجية، القاهرة،2000م،ص98-99.
38-عماد جاد ، المرجع السابق،ص100-105.
39-عماد جاد، المرجع السابق،ص111-113.
40-يزيد صايغ، العولمة الناقصة: التفكك الإقليمي والليبرالية السلطوية في الشرق الأوسط،دراسات عالمية،مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية،العدد28،ص20.
41-يزيد صايغ ، المرجع السابق،ص32-34.
42-سمير أمين، تحديات العولمة، مجلة الشرق الأوسط، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق،بيروت، العدد 71، 1998.ص33-35.
43-سمير أمين ، المرجع السابق،40-44.
44- إبراهيم أبراش،الديمقراطية بين عالمية الفكرة وخصوصية التطبيق، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية –بيروت- 1993م، عدد 156،ص121.
45-إبراهيم أبراش، المرجع السابق،ص124-126.
46- بول كير، كارين ورد، العولمة :الديناميكية الداخلية، ترجمة هشام الدجاني، مكتبة العبيكان، الرياض،2003م، ص35.
47-محمود خليل،العولمة والسيادة، كراسات استراتيجية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية،القاهرة، 2004م ،عدد 136، ص18-19.
48- محمود خليل ، المرجع السابق، ص19-20.
49-محمود خليل، المرجع السابق، ص21-22.
50-محمود خليل ، المرجع السابق،ص22-23.

المرجع:
4-إبراهيم العيسوي،اللغات وأخواتها،مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،1995م.
2-- إبراهيم أبراش،الديمقراطية بين عالمية الفكرة وخصوصية التطبيق، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية –بيروت- 1993م، عدد 156.
3- بول كير، كارين ورد، العولمة :الديناميكية الداخلية، ترجمة هشام الدجاني، مكتبة العبيكان، الرياض،2003م.
4-حسن مكاوي،أبعاد العولمة وإعادة هيكلة وسائل الإعلام، مجلة البحوث والدراسات العربية،1998، عدد 3 مجلد 38.
5-خالد الشريدة،العولمة،ندوة المجتمع والأمن في دورتها الثانية:كلية الملك فهد الامنية،مركز البحوث والدراسات،2002م.
6-زياد عربية،العولمة وآثارها الاجتماعية،مجلة التعاون،2000، عدد 51.
7-سمير أمين، تحديات العولمة، مجلة الشرق الأوسط، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق،بيروت، العدد 71، 1998.
8-طه بدوي، ليلي مرسي، النظرية العامة للعلاقات الدولية، كلية التجارة،جامعة الإسكندرية،الطبعة الرابعة،1992م.
9-عبدا لعزيز شيحا، النظم السياسية والقانون الدستوري، منشأة المعارف،2000م.
10-عبدا لصبور شاهين،العولمة جريمة تذويب الأصالة،مجلة المعرفة، الكويت،عدد74، 2002م.
11-عماد جاد، التدخل الدولي بين الاعتبارات الإنسانية والأبعاد السياسية، مطبوعات مركز الدراسات السياسية الاستراتيجية، القاهرة،2000م.
12- عمرو فؤاد بركات، النظم السياسية،جامعة طنطا،1989م.
13-فضل الله سلطح،العولمة السياسية،مكتبة بستان المعرفة، الكويت،1999م.
14-فلاح كاظم المحنة،العرب والعولمة،شئون عربية، 2001، عدد 106.
15-لورنس كلاين، منظمة التجارة العالمية والاقتصاد الدولي،مركز الأمارات للبحوث،أبو ظبي،1999م.
16-مهيوب أحمد،العرب والعولمة:مشكلات الحاضر وتحديات المستقبل، مجلة المستقبل العربي،2000م،عدد 256.
17-نجاح كاظم، العرب وعصر العولمة،المركز الثقافي العربي، المغرب-الدار البيضاء،2002م.
18-محمد المسعد، مفهوم العولمة، دار طيبة للنشر، الرياض،2004م.
19-مصطفى أبو زيد فهمي، مبادئ الأنظمة السياسية،كلية الحقوق،جامعة الإسكندرية،دار الجامعة الجديدة للنشر،2003م.
20-ممدوح منصور،العولمة دراسة في المفهوم والظاهرة والأبعاد،دار الجامعة للنشر، الإسكندرية، 2003م.
21-يزيد صايغ، العولمة الناقصة: التفكك الإقليمي والليبرالية السلطوية في الشرق الأوسط،دراسات عالمية،مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية،العدد28، 2003م.



ليست هناك تعليقات: